غاب النابغة الذبياني أول من أمس عن خيمة سوق عكاظ قرب مدينة الطائف السعودية، لكن ظلال الشعار العربي القديم كانت حاضرة في المكان الذي يعلو حوالى 1800 متر عن سطح البحر، حيث تعقد الدورة الرابعة لسوق عكاظ التي افتتحها، باسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أمير مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل بحضور أمراء ووزراء ومسؤولين إداريين وحشد من المثقفين السعوديين والعرب. (راجع ص29) وما زاد الافتتاح حميمية أن الأمير خالد شاعر، ووزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة هو أيضاً شاعر، في سوق للشعر سميت «ملتقى الحياة» لا مجرد استعادة لتراث لعب دوراً في بلورة اللغة العربية وحفظ شعرها وفكرها. ولا يستطيع زائر المكان سوى تذكّر السوق البهية التي كانت تعقد سنوياً ما بين أسبوعين وأربعة أسابيع، حيث يتم تبادل تجاري أو ما يمكن تسميته عقوداً بين تجار مكة القريبة وتجار من بلاد الشام والعراق واليمن وما جاورها. وكان الشعراء حاضرين في السوق يلقون قصائدهم الجديدة في ما يشبه مباراة أمام محكمين من أبرزهم النابغة الذبياني. واستمرت السوق مزدهرة منذ المئوية الأولى للميلاد حتى نهاية العصر الأموي مروراً بالعصر الجاهلي وصدر الإسلام، ففي العصر العباسي اكتمل الى حدّ بعيد انتقال النشاط التجاري والشعري والفكري الى مراكز جديدة، خصوصاً في العراق والشام ومصر. وتحيي السعودية سوق عكاظ من أجل المستقبل لا لمجرد استعادة الماضي، كما قال الأمير خالد الفيصل الذي حدد قضايا المستقبل موضوعاً رئيساً لدورة السوق المقبلة. وقد وضع الأمير خالد الحجر الأساس لجادة سوق عكاظ التاريخية بطول كيلومتر واحد يبدأ بقبة النابغة الذبياني وينتهي بالمسرح، وبينهما محالّ وصالات لعرض منتجات سعودية حرفية وغير حرفية. في ليلة توزيع الجوائز سهر الحضور ليشهدوا عرضاً مسرحياً عنوانه «طرفة بن العبد» ينطلق من معلقة ذلك الشاعر الجاهلي وسيرته التراجيدية بين نوازعه للحرية والانصياع لرغبات النعمان بن المنذر. والعرض الذي أخرجه سامي عاشور ومثل فيه السعوديان نايف الخلف وعبدالله عسيري والفلسطيني السوري زيناتي قدسية، تميز بمهارة في السينوغرافيا وعروض الجموع الإيقاعية. وأمام حضور سعودي وعربي كثيف سلم الأمير خالد الفيصل جائزة «شاعر عكاظ» لهذه الدورة الى الشاعر اللبناني شوقي بزيع وألبسه عباءة خاصة وقّعها المصمم السعودي العالمي يحيى البشري. وأعطيت جائزة شاعر شباب عكاظ للشاعر ناجي حرابة، وجائزة لوحة وقصيدة لإبراهيم الرباط، وجائزة الخط العربي مناصفة لصباح الأربيلي ومثنى العبيدي، وجائزة التصوير لسامي إبراهيم علي والآنسة بيان أحمد بصري.