من المقرر أن تستأنف الحكومة السودانية و «حركة/ جيش التحرير والعدالة» جولة تفاوضية في الدوحة اليوم، يُعتقد أنها ستكون الأخيرة بين الجانبين قبل الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان في التاسع من كانون الثاني (يناير) المقبل، حيث تُلقي هذه المسألة بظلال كثيفة على مفاوضات الدوحة في ظل اهتمام سوداني واقليمي ودولي بهذا الاستحقاق الدستوري الذي أقرته اتفاقية نيفاشا للسلام الشامل في السودان في عام 2005. وكانت آخر جولة للمفاوضات بين الطرفين جرت قبل شهر رمضان الماضي، علماً أن «حركة العدل والمساواة» كانت قد قاطعت المفاوضات مع الحكومة السودانية قبل شهور، لكن اتصالات الوساطة استمرت على رغم ذلك مع تلك الحركة التي يقودها الدكتور خليل إبراهيم الذي استضافته ليبيا بعدما منعت تشاد دخوله إلى أراضيها قبل فترة. كما استمرت اتصالات ولقاءات الوساطة مع رئيس «حركة تحرير السودان» عبدالواحد نور الموجود في فرنسا بهدف إشراكه في المفاوضات. وجدد رئيس «حركة/جيش التحرير والعدالة» الدكتور التجاني السيسي في حديث إلى «الحياة» في الدوحة أمس دعوته الحكومة السودانية كي «تنهج نهجاً يحقق سلاماً شاملاً وعادلاً (في شأن دارفور) عبر اتفاق سلام يعكس مضامين الشمولية والعدل». وسألته «الحياة» عن مسألة عدم مشاركة خليل ونور في المفاوضات وكيف يمكن أن يتحقق سلام شامل في ظل مقاطعتهما للمفاوضات مع الحكومة السودانية، فأجاب: «ندعو كل الحركات الأخرى إلى الانضمام إلى المنبر (منبر الدوحة) لمواصلة المشوار وحتى تُفضي جولة المفاوضات (الجديدة) إلى اتفاق شامل». كما لفت السيسي إلى تمسكه بدعوة كان أطلقها في وقت سابق في شأن ضرورة مشاركة القوى السياسية السودانية في مفاوضات الدوحة للمساهمة في الجهود الهادفة إلى معالجة قضية دارفور. وقال: «نحن نكرر الدعوة لها (للأحزاب السودانية) لتحضر إلى الدوحة، واليوم سنتحدث مع الوساطة حول ذلك مرة أخرى». وعن مدى استعداد حركته لجولة المفاوضات اليوم، قال «إننا مستعدون للمفاوضات اليوم ولجاننا المعنية بالتفاوض موجودة (خمس لجان) واكتمل وصول أعضائها وعقدنا اجتماعات تحضيرية وأجرينا تقدير موقف للملفات التي جرى التفاوض في شأنها في جولات سابقة وللنقاط التي لم يتم التفاوض في شأنها، والآن مستعدون لبدء الجولة التفاوضية ونتمنى أن تكون الأخيرة». وأوضح أن «المفاوضات في شأن ملف الثروة تحتاج إلى جلسة أو جلستي تفاوض مع وفد الحكومة السودانية، وقد قطعنا شوطاً بنسبة 80 في المئة في مناقشة هذا الملف في وقت سابق». ولفت الى أن المفاوضات ستتناول ملف التعويضات (للاجئين والنازحين الدارفوريين)، وقال إن المفاوضات قطعت شوطاً أيضاً في هذا الملف و «لكن هناك قضايا تتطلب عقد بعض جلسات التفاوض ... كما أن ملف العدالة والمصالحة تم التفاوض في وقت سابق حول بعض قضاياه وهناك قضايا تحتاج إلى نقاش». أما في شأن «ملف الترتيبات الأمنية» فأكد أن التفاوض بين حركته والحكومة السودانية لم يبدأ بعد في شأن هذا الملف. وشدد السيسي على أن وفد «التحرير والعدالة» إلى مفاوضات الدوحة في جولتها الجديدة «سيناقش المواقف التفاوضية (للحركة والحكومة السودانية) لأن هناك قضايا لم يتم التفاوض في شأنها حتى الآن». وفي شأن وثيقة كانت الوساطة أعلنت قبل أيام أنها تسلّمتها من لجنة الصياغة وستعرضها على الفرقاء السودانيين، قال: «سنطلع على الوثيقة وسنقول رأينا حولها»، مؤكداً أن الحركة «لم تستلم الوثيقة». وخلص إلى أن «الحل في يد الأطراف السودانية والوساطة لا تستطيع فرض شيء على أطراف التفاوض، ووجهة نظرنا أننا نحتاج إلى أيام للتفاوض حول قضايا رئيسية». وقال: «نكرر أملنا في أن تتحقق اتفاقية سلام عادلة وشاملة بمعايير الشمولية ومعايير العدل، قضية دارفور تمت مناقشتها في منابر عدة، وقضايا أهل دارفور ليست سرية، هي معروفة. ونحن من جانبنا سنتفاوض في سبيل تحقيق تطلعات أهل دارفور في سلام عادل وشامل، ونتوقع من الحكومة السودانية أن تنهج نهجاً يحقق سلاماً شاملاً وعادلاً عبر اتفاق سلام يعكس مضامين الشمولية والعدل». وعن رأيه في شأن قمة عن السودان شهدتها نيويورك قبل أيام، قال: «قمة نيويورك أوضحت فداحة الوضع في السودان، هناك استفتاء في مطلع العام المقبل (حول تقرير مصير جنوب السودان)، وهناك مشكلة دارفور». وأضاف: «قمة نيوروك أوضحت ضرورة أن يُسرع القائمون على أمر السودان الخطى لحل هذه القضايا من جذورها (في جنوب السودان ودارفور)، ونحن نرى أن قمة نيويورك أضافت أعباء جديدة على الوطن (السودان)، وبالتالي على كل أهل السودان وبخاصة القائمين على الحكومة أن ينهجوا نهجاً يمكن أن يؤدي إلى حل كل قضايا السودان حلاً سلمياً ومقبولاً لكل شرائح المجتمع».