ليس خبراً جديداً أن نشير الى حجم اهتمام قناة «اتش بي أو» الأميركية بالفن السابع ونجومه. فهذه القناة الطموحة لا تتوقف منذ عقود عن تمويل مشاريع سينمائية، وغالباً ما تكون هذه المشاريع من النوع المميز، وأحياناً علامات في تاريخ السينما الأميركية الراهنة. وفي مرات عدة، تمكنت «اتش بي أو» من اجتذاب سينمائيين متوسطين أو كبار، لتحقيق أعمال تلفزيونية خالصة، تعرض على حلقات، كما يصار أحياناً الى اختصارها لتعرض في المهرجانات والصالات كأعمال سينمائية. والحقيقة أن التمويل السخي الذي توفره القناة، كان ولا يزال يمكّن مبدعي السينما من هذا، حيث صار الأمر معدياً بالتدريج وراحت محطات وشبكات أخرى تحاكي الأمر، ما ضيّق المسافات بين الشاشتين، موفراً تمويلاً اضافياً للسينما وإبداعاً اضافياً للتلفزيون. هذا كله معروف، ومنذ سنوات. أما الجديد في الأمر، فهو ان ما كان ظرفياً ومن فعل المناسبات، يتحول في أيامنا هذه الى عمل ممنهج يؤدي الى تلك الأزمان الجديدة التي ما فتئ كل محب للوسيلتين (السينما والتلفزيون) والمبشر بالتوحد التام بينهما، آجلاً أو عاجلاً، يعلنه فعل ايمان، إذ ها هي «اتش بي أو»، تنتج وفي شكل كثيف ومتواصل، منذ فترة، أعمالاً متتالية تستعين على تحقيقها بكبار مخرجي السينما، معلنة بوضوح انها أعمال تلفزيونية، من دون أن تجد نفسها - على سبيل «التقيّة» الفنية مثلاً - مضطرة الى تحويلها - مختصرة - الى أفلام سينمائية. وهكذا، بالاستناد الى النجاح الكبير الذي حققته القناة مع مسلسل «الباسيفيك»، تنجز مسلسل «بوردواك امباير» من إخراج... مارتن سكورسيزي، وهو مسلسل في حلقات بدأت عروضه الأميركية والعالمية، الأسبوع الماضي... وليس اسم سكورسيزي الاسم الوحيد الذي تمكنت «اتش بي أو» من استقطابه تلفزيونياً... إذ هناك الآن بعض أكبر الأسماء الهوليوودية... التي يحضّر أصحابها أعمالاً تلفزيونية تنتجها المحطة وستنجز، بحسب برنامج نهائي تنفيذي معلن قبل نهاية 2012: مايكل مان، دافيد فينشر، جوناثان ديم، وكاترين بيغلو، كممثلين، الى جانب داستن هوفمان، كيت ونسليت، كيفين سبايس كمخرجين، علماً أن فنانين من طينة راسل كراو وشارليز ثيرون سيكونون منتجين. ترى... أوليس في هذا اعلان ما، بأزمان جديدة بتنا نعيش فيها، حتى من دون أن ننتبه الى ذلك؟