على رغم خلافاته السابقة مع الكرد، يقيم أسامة النجيفي منذ سيطرة تنظيم الدولة على الموصل في أربيل، وهو ما يعيق الكثير من تحركاته السياسية، فالطرفان حليفان لتركيا في إطار الصراع الإقليمي على خلفية عملية الموصل، لكنه لا يستطيع انتقاد ممارسات الكرد باتباعهم سياسة قضم الأرض وتوسيع حدود الإقليم في محافظتي كركوك ونينوى. واثبتت تقارير دولية قيام الكرد بهدم قرى عربية كاملة، وتهجير الآلاف من عرب هاتين المحافظتين منذ بدء الحرب على تنظيم «داعش»، وآخرها ما تلا هجوم التنظيم على مدينة كركوك في 21 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وسيطرته على مساحات واسعة من المدينة قبل أن تستطيع قوات البيشمركة طرده منها، والذي أثبت تقرير حديث لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» انه اتبع بهدم منازل وتهجير المئات من عرب المنطقة بتهمة التعاطف مع مقاتلي التنظيم وتسهيل دخولهم إلى كركوك. وعلى رغم اغتنام الكرد الفرصة التاريخية التي أتاحتها سيطرة التنظيم على مناطق واسعة في العراق قبل أكثر من عامين، بفرض وقائع جديدة على الأرض في المناطق المتنازع عليها المحددة في المادة 140 ضمن الدستور العراقي، لا يبدو أن ذلك سيمر بلا ثمن، فحزب العمال الكردستاني العدو اللدود للحزب الديموقراطي الكردستاني استطاع أيضاً الاستفادة من هذه اللحظة التاريخية بمد نفوذه داخل حدود إقليم كردستان العراق بمساعدة الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني وإيران، وفي المناطق المتنازع عليها مع بغداد في قضاء سنجار. وكان حزب العمال الكردستاني أعلن تشكيله لمجلس مستقل لمقاطعة سنجار العام الماضي لتمثيل الكرد الإزيديين، كخطوة أولى للتأسيس لإدارة ذاتية ديموقراطية شبيهة بتلك التي أسسها حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي في سورية. ولا يخفي مصدر في حزب العمال رفض الكشف عن اسمه التخوف من احتمال استخدام تركيا قواعدها في شمال العراق لضرب مواقع حزب العمال في سنجار، وربما أبعد من ذلك، احتمال التدخل برياً لطردهم من هناك، فيما يقول مقربون منهم إن ثمة افكاراً يجري درسها لاحتمال ضم سنجار لما بات يعرف بفيدرالية «روج أفا» في إطار عملية جراحية قد تطاول حدود المنطقة برمتها لاحقاً، وهو مشروع يتوقع أن يلقى تأييداً ودعماً إيرانياً غير محدود.