تستضيف قاعات مركز محمود سعيد للمتاحف في الإسكندرية، معرض النحاتة المصرية منى قناوي، وعنوانه «لغة الأحجار... أبجديات في المعنى»، ويضم عدداً كبيراً من لوحات الفسيفساء ولوحات أخرى من الكولاج. استطاعت الفنانة في أعمالها إقامة حوار ثقافي وبصري، أطلق العنان للخيال من خلال التآلف بين الفن والطبيعة، إذ تجمع بين الأعمال لغة مشتركة في تبادلية تشكيلية ذات مفهوم محدد. ونجحت قناوي أن تجعل أعمالها تنطق برسالة عالمية ثلاثية الأبعاد، على رغم تعدد صور الفسيفساء ورسومها وجزيئياتها. تتحد وتتعاون معاً لتشكل صورة فطرية المنشأ تستمد فطريتها من طبيعة تكوينها. تعيش بسلام وأخاء مع كل متناقضاتها الشكلية والحجمية والتي في أساسها مصدر الجمال. تنوعت أنواع الحجر وألوانه التي استخدمتها قناوي. وتحركت المساحات والخطوط كما لو كانت تلونها بفرشاة، إذ رُصت وحدات الموزاييك بانسابية ناعمة كما لو كانت قد انفصلت عن الواقع ودخلت في رحلة التشكيل في منطقة أخرى من اللامحدود لتحرك وحدات الحجر (الرخام) بألوانه المتعددة والتي تتدرج من الرمادي القاتم إلى الأبيض، مروراً بالوردي ودرجات متفاوتة من البيج الساخن والبارد على سطح المونة التي تشكل الخلفية. واستخدمت في الخلفية نوعاً من الطين الكريمي وأحياناً الطين الأسواني بلونه الوردي لإضافة خلفية على خلفية، أو لإعطاء إحساس بالحجم بغرض توصيل الاحساس بمكامن التصميم. ومن الأعمال التي أجمع عليها زائرو المعرض لوحة استطاعت فيها الفنانة تطويع خامات من أصول مختلفة، فإضافة إلى الرخام بألوانه استخدمت الأزمالت الذي هو عبارة عن عجينة زجاج معتمة ليمر فجأة وميض من الذهب الخالص بلونه البيزنطي ليعبر بجوار الترصيع القاتم ببروزه فيرسم ضوءاً في الجوار ليصل بين نقطتي نور هما من الصدف. تقول قناوي: «كانت فكرة التخطيط لعمل فسيفساء ثلاثي الأبعاد محيرة بعض الشيء، فقد تعودنا على التعامل مع هذه التقنية على كونها تنفذ على سطح ذو بعدين. ومن هنا نشأ حوار جدلي داخلي. واستكمالاً لرحلة البحث عن المعنى من خلال التشكيل في مجال الفسيفساء، إذ الاتجاه نحو التجريب والبحث في إمكانات الخامة اللامحدودة من أجل الوصول إلى بناء تشكيلي بسيط وعميق، ساكن ودينامي، قديم وحديث في آن واحد. أقدم هذه التجربة استكمالاً لمسيرة البحث في لغة الأحجار والأوراق في أعمال الفسيفساء».