منذ إعلان شبكة «دي» التركية إنتاج مسلسل يروي حقبة حرب الاستقلال التي قادها مصطفى كمال أتاتورك ضد الاستعمار اليوناني بعد الحرب العالمية الأولى، اعتبرت أوساط إعلامية أن المحطة تحاول تسليط الضوء على مرحلة مهمة من تاريخ الأتراك، بعد مسلسلها الأشهر «حريم السلطان» الذي ركّز على فترة الحكم العثماني. ورجّحت أن يحمل المسلسل الجديد رسالة سياسية، من خلال التذكير بدور أتاتورك في حرب التحرير وإعلان الجمهورية، في وقت يتهم معارضون الحكومة والرئيس رجب طيب أردوغان بالسعي إلى طمس تاريخ الزعيم الراحل وذكراه. وإذ بدا أن الشبكة تواجه تحدياً ضخماً في إنجاح مسلسل «أنت وطني» ورسالته السياسية، بعد نجاح «حريم السلطان»، استعانت بالممثل خالد إرغينش الذي أدى دور السلطان سليمان القانوني، إضافة إلى زوجته بيرغوزار كوريل، المعروفة في العالم العربي ب «شهرزاد»، لدعم المسلسل الذي انطلق بقوة قبل شهر. في المقابل، سعت شبكة «ستار» الموالية للحكومة، إلى توظيف أهم مسلسلاتها، «الجميلة والجريء» وبطله كيفانش طاطلي طوغ، المشهور عربياً ب «مهنّد»، والجميلة طوبا بيوك أستون، لمنافسة مسلسل شبكة «دي». ودُهِش كثيرون من إصرار «ستار» على بثّ مسلسلها الذي بدأ الخميس، في اليوم والساعة اللذين يُبثّ فيها «أنت وطني». وانقسم مفسّرون بين مَن حصر السبب في تنافس تجاري، وبين مَن اعتبر الأمر صراعاً سياسياً، يوظّف كل طرف فيه الفنّ وجنوده من ممثلين مشهورين، لجذب المشاهدين. وصوّرت شبكة «دي» في مسلسلها مشهداً حقّق نسبة مشاهدة قياسية الخميس، جعلته يهزم منافسه في أولى حلقاته بالضربة القاضية، وفق أرقام رسمية، إذ تضمّن مسلسل «أنت وطني» مشهداً يمدح فيه خالد إرغينش أتاتورك، في أولى خطواته لإعلان حرب التحرير، قائلاً: «أنت كما أنت يا مصطفى، لن تتغيّر، طريقك سالك بإذن الله». تزامن هذا المشهد المؤثّر مع الذكرى ال78 لوفاة أتاتورك، في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 1938. وتداعى الأتاتوركيون في تركيا إلى إحياء ذكراه التي تُعتبر مناسبة رسمية، يزور خلالها الرئيس وأركان الحكومة والمعارضة ضريحه، عند الساعة التاسعة وخمس دقائق صباحاً، لحظة وفاته في قصر دولمه باهشة في إسطنبول. وشهدت مدن تركية مسيرات حاشدة بهذه المناسبة التي يقف خلالها كلّ من يكنّ احتراماً لأتاتورك، دقيقة صمت حداداً على روحه، ولو في طائرة. لكن جمعيات أتاتوركية انتقدت الجيش الذي ألغى في اللحظة الأخيرة تأبيناً شعبياً بطلبٍ من أردوغان وفق تسريبات إعلامية، معتبراً أن الشعب يحتفل مع الحكومة، لا مع المؤسسة العسكرية، ومن أجل كسر صورة نمطية تحصر بالجيش صفة «حامي مبادئ أتاتورك وإرثه». وكان أردوغان أكد عرفان الشعب التركي بما فعله أتاتورك، لكن المعارضة تتهم الرئيس بالسعي إلى طمس تاريخه وآثاره ومبادئه، مستخدماً تصريحات «ثورية» للزعيم الراحل دعا فيها إلى التجديد من أجل الخروج من ثوب العثمانية إلى فضاء الجمهورية. ويصرّ أردوغان على أن «التجديد الثوري» هو أهم ما أوصى به أتاتورك، لدعم أطروحاته لتشييد «جمهورية جديدة» في تركيا.