تكالبت مصاعب الحياة على المواطن عادل حمدي، وتتابعت عليه النوائب والملمات، دهمت الأمراض ابنيه ونهشته الديون بعد أن وجدته عاطلاً في غمضة عين. «الحيرة» مفردة تعوّد عادل على التعايش معها منذ سنوات وما كاد يتغلب عليها بتهميشها حتى فاجأته مفردة أخرى أشد وقعاً وأكثر إيلاماً، ألا وهي «البؤس». نعم، هو وأسرته يعيشون البؤس ويتجرعون مرارته، مرة من طريق الخوف، وأخرى من طريق الامتهان، وثالثة من طريق الحزن. أما العوز وقلة ذات اليد والأمراض، فقد شربوا منه كؤوساً مليئة لم تنتهِ حتى الآن. ويقول عادل: «أمرُّ بضائقة مالية على المستوى الشخصي، وتدهور صحي على مستوى أبنائي، وأزمة سكنية على مستوى عائلتي بشكل عام»، موضحاً: «كنت موظفاً في إحدى الشركات وتم إبعادي من دون أسباب مقنعة ولم يعطوني لنهاية خدمتي سوى ستة آلاف ريال ذهبتْ إلى أحد الدائنين». ولا يُخفي رب الأسرة الحائر أن شعوره بالخوف بعد علمه باستغناء الشركة عن خدماته تغلب على أي شعور آخر، «ما زلت مستغرباً من ذلك الشعور، وأؤكد أنه يكبر معي يوماً بعد آخر»، لافتاً إلى أنه لم يستطع إخبار أبنائه بأنه بات عاطلاً، «الأحزان تملأ منزلنا، فلماذا أضيف لهم هماً لا يستطيعون دفعه؟». كانت حياة عادل قبل أن تستغني عنه الشركة التي يعمل فيها مراسلاً فوق خط الحاجة، لكنها انحدرت بعد أن تم إبعاده عن العمل، بحجة أنهم ليسوا في حاجة إليه، فزاد الحمل عليه، إذ لم يجد من يرحب به في عمل آخر، نظراً إلى محدودية تعليمه (شهادة المتوسطة). لم تدم فرحته بابنه الذي خرج إلى ضياء الدنيا قبل شهرين، إذ بدأت حالته الصحية بالتدهور، لكنه لا يجد مالاً ليعالجه ولا سيارة يستطيع من خلالها إسعافه إلى المستشفى كلما اشتد معه المرض، «ابني فيصل الأكبر أيضاً يعاني من ألم في عينه اليسرى، وبسبب عدم قدرتي على علاجه استفحل المرض إلى درجة أنه لم يعد يرى بها إلاّ القريب جداً»، مؤكداً أن ابنه في حاجة ماسة وسريعة إلى رعاية صحية مستمرة، «ولكن ماذا أفعل وأنا قليل الحيلة؟». وكان حمدي اضطر في وقت سابق إلى بيع سيارته، حين لم يجد حلاً لمطالبات صاحب المنزل الذي يسكنه في جنوبالرياض، وهو ما أدى إلى صعوبة تنقلاته، كما أن حالته النفسية أرهقت من متاعب الحياة، «هناك كثيرون يطالبونني بسداد ما عليّ من ديون، حتى أصبحت أتهرب من المحال الغذائية القريبة من بيتي». طوال حديثه ل«الحياة» كان حمدي يقاوم دموعه بصوت متحشرج، ولكنه انهار لما تذكر أفراد أسرته الصغيرة وما وصلوا إليه من حال، سواء من الناحية الصحية أم النفسية، «أسرتي منكسرة وما زلت صامداً وأخشى من اليوم الذي أنكسر فيه أيضاً، لم أعد أستطع تحمل نظرات الحزن والخوف على محيا ابني المريض، وأشعر أنه يحمّلني تبعة ما وصل إليه من حال مزرٍ» ويتابع حمدي: «أريد عملاً شريفاً يسترني وأسرتي ويعينني على سداد ديوني ومتطلباتنا العائلية»، متمنياً من فاعلي الخير مساعدته في علاج ابنيه، ولا سيما الأكبر الذي تسوء حال عينه يوماً بعد يوم، كما يأمل في وقفة من أهل الخير لمساعدته في سداد بعض الديون المتراكمة التي تقض مضجعه منذ أمد بعيد.