وتحتل الطائف عبر العصور مكانة عند خلفاء وملوك وأمراء المسلمين، إذ رسّموا لها والياً خاصاً بها دون سائر المدن والحواضر الإسلامية، وكانوا يغبطون من يصيّف بها، ونقل عن الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وصفه واليه على الطائف سعيد بن العاص ب «أنعم الناس عيشاً» كونه يقيظ بالطائف، ويشتّي بمكة، ويتربع في جدة. واحتفظت الطائف بمناخ شامي يمتاز ببرودة الطقس وازدهار الزراعة وتميزها باعتبارها المصيف الرسمي للحكومة السعودية. ويعد عنب الطائف من أهم المنتجات الزراعية التي اشتهرت به مزارع المحافظة منذ القدم، فقد وصف ياقوت الحموي في كتابه الشهير «معجم البلدان» عذوبة عنب الطائف وزبيبه بقوله: «الطائف فيها من العنب العذب ما لا يوجد مثله في بلد من البلدان، وزبيبها يضرب بحسنه المثل». وتذكر كتب التاريخ أن كلاً من «الوهط» و«لقيم» اشتهرتا بزراعة العنب التي سارت بشهرته الركبان، ومما يروى أنه كان للصحابي عمرو بن العاص رضي الله عنه مليون عود عنب، أما اليوم فتنتشر زراعة العنب في مواقع كثيرة من المحافظة وخصوصاً في جنوبالطائف، وكان الظن يذهب بالزائر لهذه العروس إلى أن ما يراه من سواد مركوم لا يعد أن يكون غرابيب حجرية سوداء ليكتشف أن ما يمثل أمامه عنب مجفف ركمه المزارعون مفاخرة ومتاجرة. من جهة أخرى، لا تكاد تخلو مناسبة سعيدة من مناسبات أهالي الطائف من الورد الطائفي الذي يصعب وجود مثيل له في العالم، فهو أكثر رائحة وأشد جذباً كونه يزرع في تربة مثالية وتنديه الأمطار في مواسم الشتاء فيما يحتفظ بنضارته طيلة العام تحت ندى ضباب الشفا والهدا. ويبيع مزارعو الطائف ورودهم لمعامل التقطير بأسعار مربحة في ظل إنتاج وفير يزيد على 300 وردة من كل شجرة طيلة الموسم الممتد لشهرين كاملين. ويعد فن المجرور من أبرز أنواع الفولكلور الطائفي المتصل بالبيئة الزراعية والحرفية والمتناغم مع طبيعة وفضاء المكان، إذ تردد كلمات الشاعر مجموعة من الصفوف المتقابلة مع قرع منسجم مع حركة الجسم ونغم الكلمات ويذهب الشاعر عيضة السفياني إلى وجود ترابط بين النص والإيقاع وحركة البدن واصفاً المجرور بالتقاء صفين يتكون كل صف من خمسة عشر رجلاً يلبسون زياً موحداً يُعرف بالحويسي وهو ثوب أبيض واسع يشده في المنتصف حزام تتخلله ذخيرة ويحمل كل فرد من المجموعة طاراً ينقر عليه بخفة تتماهى مع حركة الصفوف وتمايل الأجساد طرباً.