نجح كبار أثرياء أميركا في 2010 باستعادة جزء من الخسائر التي ألحقتها أزمة العامين الماضيين بثرواتهم، لكن اللجنة الاقتصادية المشتركة في الكونغرس أشارت بالاتهام إلى هؤلاء الأثرياء، باعتبارهم أحد الأسباب الأكثر احتمالاً في انفجار ليس «الكساد العظيم» لثلاثينات القرن العشرين فحسب بل ما وصفته ب «الركود العظيم» الذي انتهى منتصف العام الماضي بعدما عانى الاقتصاد الأميركي من أكبر انكماش في فترة ما بعد الحرب. وارتفع حجم ثروات «لائحة فوربس لكبار أثرياء أميركا ال 400» 8 في المئة إلى 1.37 تريليون دولار. ولاحظت المجلة المالية الاقتصادية الأربعاء الماضي، أن المكاسب التي حققها كبار أثرياء أميركا في ثمانية شهور (كانون الثاني/ يناير وحتى نهاية آب/أغسطس الماضيين) بلغت ثمانية أضعاف ما حققه مؤشر «ستاندرد أند بورز 500» في الفترة ذاتها. إلا أن التباين الحاد الذي ميّز أداء الاقتصاد الأميركي في فترة الانتعاش، لا سيما تباطؤ وتيرة النمو اعتباراً من بداية الفصل الثاني بقسوة على كبار الأثرياء، إذ ان ثروتهم ما زالت حتى بعد المكاسب الجديدة أقل بنحو 200 بليون دولار عما كانت في 2008 حين بلغت 1.57 تريليون دولار، ويعود ذلك إلى أن نحو نصفهم (217 بليونيراً) أصبح أكثر ثراء بينما فشل ثلثهم في تحقيق أية مكاسب أو تعرضت أوضاعهم للتدهور. وفيما عدا تباين الحظوظ، خلت لائحة فوربس من مفاجآت فاحتفظ بيل غيتس بمرتبة القمة وللعام السابع عشر على التوالي على رغم خسارته المرتبة الأولى في اللائحة العالمية في آذار (مارس) الماضي لمصلحة عملاق صناعة الاتصالات البليونير المكسيكي اللبناني الأصل كارلوس سليم الحلو. وارتفعت ثروة غيتس 4 بلايين دولار إلى 54 بليوناً. وعزز رفيقه في درب الأعمال الخيرية وقمة اللائحة وارن بافيت ثروته بنحو 5 بلايين لتصل إلى 45 بليوناً. وانضم إلى عضوية لائحة فوربس 16 بليونيراً أبرزهم شريكا مارك زوكربيرغ في «فيس بوك» إدواردو سافرين و داستن موسكوفيز. فنتيجة لتقديرات محافظة، قدرت قيمة السوق للموقع الاجتماعي بنحو 23 بليون دولار حصل الشريكان على بطاقة العضوية ورفع زوكربيرغ ثروته ثلاثة أضعاف لتقترب من 7 بلايين دولار. واستعاد 18 بليونيراً عضوياتهم من ضمنهم وليم فورد الذي استفاد من انتعاش أسهم «فورد موتورز» بعد خمسة أعوام متتالية من البقاء في القاع. لكن لجنة الكونغرس حذرت، في تقرير نشرته الأسبوع الماضي، بحدة غير معتادة من التوسع «الدراماتيكي» في فجوة توزيع الدخل في الولاياتالمتحدة، مشيرة إلى أن الفجوة التي تفصل بين الغني والفقير من أبناء المجتمع بلغت مستوى قياسياً عشية كل من انهيار أسواق المال الذي أدت تبعاته إلى الكساد العظيم في ثلاثينات القرن العشرين والركود العظيم الذي نجم عن انفجار فقاعة الرهون العقارية منتصف 2007. فعشية انهيار أسواق المال والكساد العظيم، ووفقاً للجنة الاقتصادية المشتركة، بلغت حصة الشريحة العشرية (10 في المئة) في قمة الهرم الاجتماعي من الدخل 49.3 في المئة. أما عشية انفجار فقاعة الرهون العقارية والركود العظيم فبلغت هذه الحصة 49.7 في المئة بعدما انخفضت في العقود التالية للحرب العالمية الثانية إلى أن استقرت عند 34.6 في المئة في 1980، قبل أن تعاود الارتفاع بوتيرة عالية في العقود الثلاثة الأخيرة. ولاحظت اللجنة أن نصيب شريحة فرعية تتألف من واحد في المئة من كبار أثرياء الأسر الأميركية من الدخل، سجل تطورات أكثر دراماتيكية، إذ ارتفع في الفترة من 1980 إلى 2008 من 10 إلى 21 في المئة، وتكرر الأمر ذاته مع شريحة تضم 0.1 في المئة من قمة الهرم الاجتماعي يزيد دخل الفرد من أعضائها على 1.7مليون دولار. وحذرت اللجنة من أن اختلال معادلة الثراء التي عزتها إلى تباين في السياسات الضريبية للإدارات الأميركية «لايجعل الولاياتالمتحدة البلد الأكثر افتقاراً للعدالة في توزيع الدخل على المستوى العالمي فحسب بل يعرضها لخطر أزمات المال والاقتصاد الحادة.»