القدس المحتلة، رام الله - «الحياة»، أ ف ب - أرجئ اجتماع تفاوضي بين الفلسطينيين وإسرائيل أمس، بانتظار عودة المبعوث الأميركي مارتن إنديك إلى المنطقة، في وقت دان الرئيس محمود عباس (أبو مازن) خلال استقباله برلمانيين إسرائيليين، العنف مهما كان مصدره، داعياً الإسرائيليين إلى إدانة اعتداءات الجيش والمستوطنين. واستقبل الرئيس عباس أمس في مقر الرئاسة في رام الله، خمسة أعضاء في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) من أحزاب «العمل» و «ميرتس» و «الحركة» المؤيدة لحل الدولتين، وقال الناطق الرئاسي نبيل أبو ردينة خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوفد الإسرائيلي حيليك بار، إن عباس دان العنف بصورة شاملة مهما كان مصدره، موضحاً: «الموقف الفلسطيني الذي كرره الرئيس أبو مازن اليوم للوفد الإسرائيلي كان واضحاً في القضايا كافة... (نحن) ملتزمون سلاماً عادلاً قائماً على أسس واضحة تؤدي إلى استمرار السلام، وإدانة شاملة للعنف من أي جهة كانت، إلى جانب استمرار اللقاءات الفلسطينية- الإسرائيلية وفق الاتفاق مع الجانب الأميركي. نحن ضد العنف وضد العودة إلى العنف». وأكد أن هذا النوع من اللقاءات «يعطي بارقة أمل بأن بعض الشرائح في إسرائيل ما زال يؤمن بحل الدولتين». وتابع أبو ردينة أن اللقاء التفاوضي الذي كان مقرراً أمس، تأجل إلى اليوم بناء على طلب أميركي، مشيراً إلى تأخر وصول إنديك إلى البلاد حتى اليوم الخميس. وأضاف أن اللقاءات التفاوضية ستستمر حتى نهاية الشهر، وأن الجانب الفلسطيني متمسك بموقفه الداعي إلى إطلاق الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل اتفاق أوسلو، وعددهم 30 أسيراً، وأن تمديد المفاوضات بعد نهاية الشهر الجاري يتطلب قبول مطالب فلسطينية أخرى، مثل تجميد الاستيطان وإطلاق أسرى آخرين. من جانبه، قال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، رئيس لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي محمد المدني، إن عباس دان قتل الفلسطينيين والإسرائيليين، موضحاً: «نقل أبو مازن من خلال هذا الوفد الإسرائيلي التهاني لمناسبة عيد الفصح اليهودي. كذلك نوقشت مواضيع مهمة وكثيرة، منها إدانة العنف أو القتل ضد الفلسطينيين والإسرائيليين، وتمنى أن تسمع الأصوات أيضاً من الإسرائيليين بإدانة القتل اليومي، سواء على يد الجيش أو المستوطنين». من جانبه، قال بار إن اللقاء هدف إلى البحث في ما يمكن عمله من أجل مواصلة المفاوضات من أجل الوصول إلى حل الدولتين. وأضاف أن «حل الدولتين مصلحة للشعبين، وأن اليمين الإسرائيلي الذي يعارض هذا الحل سينتهي إلى وجود دولة ثنائية القومية»، الأمر الذي وصفه بأنه «يؤدي إلى تقويض أسس الدولة اليهودية». وحمل بشدة على اليمين الإسرائيلي في الحكومة وخارجها، قائلاً إنه «من دون خطة»، و «سننتهي إلى دولة واحدة لشعبين». وأكد أن الرئيس عباس أبلغهم إدانته قتل الضابط الإسرائيلي قبل يومين، وإدانته في الوقت نفسه العنف ضد الفلسطينيين. وفي إسرائيل، قال مسؤول لوكالة «فرانس برس»: «لن يعقد الاجتماع الذي كان مقرراً الليلة (ليل الأربعاء- الخميس)، لقد تم تأجيله»، من دون أن يشرح سبب التأجيل، لكنه قال إن مقتل الضابط الإسرائيلي في الضفة هو «نتيجة مباشرة للتحريض المستمر وتمجيد الإرهاب الذي نراه في الإعلام الفلسطيني الرسمي والنظام التعليمي». وكان يشير إلى باروخ مزراحي (47 عاماً)، وهو ضابط عالي الرتبة مكلّف عمليات الاستخبارات داخل الشرطة الإسرائيلية، وقتل في حادث إطلاق نار على سيارته التي كان يقودها قرب قرية أذنا قرب الخليل الإثنين الماضي. وما زال الجيش الإسرائيلي يبحث عن مطلق النار ويجري عمليات تمشيط حول القرية. وقالت ناطقة عسكرية إن «مشتبهاً به اعتقل واستجوب ثم أفرج عنه». وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اعتبر أول من امس أن «هذا الاغتيال هو نتيجة التشجيع على الكراهية من جانب مسؤولي السلطة الفلسطينية الذين يواصلون التسويق لخطاب مشين ضد إسرائيل في وسائل الإعلام، الأمر الذي ترجم باغتيال رب عائلة في طريقه للاحتفال» بعيد الفصح اليهودي، وأسف لعدم صدور إدانة من السلطة الفلسطينية. وكانت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر بساكي أعلنت أول من أمس أن اجتماعاً جديداً سيعقد الأربعاء من دون أن تؤكد مشاركة إنديك فيه. وأضافت أن الإسرائيليين والفلسطينيين «يعملون على اتفاق يتيح لهم تمديد المفاوضات إلى ما بعد 29 نيسان (أبريل)». وتابعت: «إنهم يبحثون مجموعة من المواضيع. على الطرفين أن يتخذا عدداً من الإجراءات بهدف تسهيل ظروف إرساء السلام، لكن التزامهما لا يزال كبيراً جداً». ورفضت ما أوردته صحيفة «نيويورك تايمز» في افتتاحية أول من أمس، ومفاده أن لا الإسرائيليين ولا الفلسطينيين عازمون فعلاً على التوصل إلى السلام، وأن «على إدارة أوباما أن تحدد المبادئ التي ينبغي، في رأيها، أن تنظم حل الدولتين، هذا إذا كان الإسرائيليون والفلسطينيون يرغبون يوماً ما في صنع السلام»، وأن «على الرئيس أوباما ووزير الخارجية جون كيري أن ينتقلا إلى أمر آخر ويعيرا اهتمامهما لنقاط ساخنة أخرى مثل أوكرانيا». لكن بساكي أعلنت أنها «لا توافق على هذه الفكرة»، ومثلها «المفاوضون والأطراف ووزير الخارجية». وقالت إن «الإسرائيليين والفلسطينيين يستحقون حلاًّ يقوم على دولتين تعيشان جنباً إلى جنب وتتمتعان بمكاسب اقتصادية وأمنية تستحقانها». ورداً على سؤال عن مقتل الشرطي، حضت بساكي الطرفين على «التحلي بضبط النفس وتجنب أي أعمال من شأنها أن تزيد التوترات». وتشهد عملية السلام مأزقاً منذ رفضت إسرائيل الإفراج في 29 آذار (مارس) عن دفعة رابعة وأخيرة من الأسرى الفلسطينيين. وكانت المفاوضات المباشرة استؤنفت في تموز (يوليو) الماضي بعد توقفها ثلاث سنوات، إثر جهود شاقة بذلها كيري الذي انتزع اتفاقاً على استئناف المحادثات لمدة تسعة اشهر تنتهي في 29 نيسان (أبريل). وبموجب هذا الاتفاق، وافقت السلطة الفلسطينية على تعليق أي خطوة نحو الانضمام إلى منظمات أو معاهدات دولية خلالها في مقابل الإفراج عن أربع دفعات من الأسرى الفلسطينيين المعتقلين لدى إسرائيل منذ عام 1993. وتم الإفراج عن ثلاث دفعات من الأسرى، لكن إسرائيل اشترطت للإفراج عن الدفعة الرابعة تمديد المفاوضات إلى ما بعد 29 نيسان (أبريل)، لكن الفلسطينيين رفضوا هذا الشرط المسبق، وقرروا التقدم بطلب انضمام فلسطين إلى 15 اتفاقية ومعاهدة دولية.