خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين في «جمعة الغضب الصامتة» في منطقة الريف الأمازيغية للمطالبة بمحاسبة «قتلة الشهيد» وب «الكرامة والعدالة» في حراك احتجاجي لم يتوقف منذ مصرع بائع السمك محسن فكري «طحناً» في ناقلة للنفايات في مدينة الحسيمة شمالي المغرب. وحمل المحتجون الشموع طوال المسيرة التي جابت الشوارع الرئيسية في المدينة، رافعين لافتات تندد ب «الحكرة» وتطالب بالقص اص من «ممتهني كرامة المواطنين». ولوحظ شلل تام للنشاط الاقتصادي بعد إغلاق المحال التجارية استجابة للدعوة إلى الإضراب. وقدّر نشطاء حقوق الإنسان الأعداد التي خرجت للاحتجاج بحوالى 40 ألف متظاهر، بينما تحدثت مواقع محلية عن 60 ألفاً. ونوّه الداعون إلى الاحتجاج ب «انضباط التظاهرات وسلميتها» رداً على وصف جهات قريبة من السلطة دعوات التظاهر بالدعوة إلى الفتنة. كما حرصوا على تشكيل سلاسل بشرية لصد أي اعتداء محتمل على الممتلكات العامة أو انحراف المسيرات. وتوقفت التظاهرة في وسط المدينة، حيث ردد المحتجون شعارات غاضبة ضد السلطة المركزية في الرباط، منددين ب «الحصار» المفروض على منطقتهم وتدني الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتغليب المقاربة الأمنية، مشددين على ضرورة رفع الحيف والبطالة عن شباب الريف. بينما رفعت لافتات تطالب بإقالة وزير الداخلية محمد حصاد وتسخر من تصريحاته التي قال فيها إن الداعين للتظاهرات معروفون، وحملت إحدى اللافتات صورة مقلوبة لوزير الداخلية كُتب عليها: «إنكم معروفون، وماذا بعد؟»، في إشارة إلى عدم خوف المتظاهرين من تهديدات الداخلية. وطالبوا بوقف سوء المعاملة والتعسف في استخدام السلطة. وطالب المتظاهرون الذين وقفوا دقيقة صمت ترحماً على روح الفقيد، بكشف تفاصيل التحقيقات، ومعاقبة المتورطين «مهما علت رتبهم»، مؤكدين أن بائع السمك قُتل وأن «المخزن هو المسؤول». وشدد المحتجون على أن تظاهراتهم لن تتوقف إلا بوقف هدر حقوقهم، مطالبين بمحاكمة الفاسدين والمستبدين وإفساح المجال أمام الشباب للعمل والاستفادة من خيرات البلاد. وخرجت تظاهرات مماثلة في مدينتي الناضور ووجدة ترفع صور بائع السمك «مطحوناً» في ناقلة النفايات مستنكرين الطريقة البشعة التي «قُتل بها». وكان محسن فكري لقي مصرعه سحقاً في ناقلة نفايات بعدما قفز إلى داخلها محاولاً استعادة أسماكه التي صادرتها السلطات. وأحال المدعي العام 11 شخصاً بينهم رجلَي أمن على قاضي التحقيق. وعُلم من مصدر رسمي أن أحد المعتقلين على ذمة التحقيق، وهو رجل أمن، نُقل على عجل ليل أول من أمس إلى المستشفى لتلقي العلاج بعد إصابته بجروح. وقالت المصادر إن حالة انهيار شديدة أصابت المتهم فبدأ بضرب رأسه بحائط الزنزانة ما تسبب بإغمائه، مضيفةً أنه أُعيد للسجن بعد تحسن طفيف في وضعه الصحي. وكانت عائلات المعتقلين اعتصمت للمطالبة بالإفراج عنهم، مؤكدةً «براءتهم» من التهم الموجهة إليهم. وتأتي موجة الاحتجاجات الجديدة في وقت يواصل رئيس الوزراء المكلف عبد الإله بن كيران مشاوراته لتشكيل حكومة جديدة وسط مصاعب أججتها خلافات الأحزاب السياسية المتنافسة على الدخول للتحالف. إلى ذلك، (أ ف ب) طالبت منظمة «مراسلون بلا حدود» السلطات المغربية برفع القيود المفروضة على الصحافيين المحليين والأجانب في الصحراء الغربية، التي تجعل عمل هؤلاء في المنطقة المتنازع عليها «شبه مستحيل».