طالب وزير العدل والحريات في الحكومة المغربية المنتهية ولايتها مصطفى الرميد من سلطات بلاده الاستجابة لمطالب الرأي العام بإظهار حقيقة ما حدث لبائع السمك محسن فكري الذي سُحق حتى الموت في ناقلة نفايات الجمعة الماضي، في مدينة الحسمية شمال البلاد، منوهاً ب «يقظة الشعب ومتابعته تطورات القضية في شكل صارم». وقال الرميد وهو قيادي بارز في حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي الحاكم أول من أمس، إن «ما يطمئن أن لدينا رأياً عاماً يقظاً يتابع تطورات الملف في شكل صارم». وأضاف: «لا شك في أن هذا يدعو إلى أن تستجيب السلطات لما يطالب به الرأي العام من إظهار الحقيقة وإحقاق العدل». وأكد أنه «يتابع التحقيقات مثل كل المواطنين»، موضحاً أن الأمر صار بيد قاضي التحقيق للبت في مصير المتهمين «ونحن أجانب عن الملف إلا من خلال علاقتنا بالنيابة العامة (الادعاء العام) التي تقوم بمهماتها في إطار ما ينص عليه القانون». بيد أنه استدرك أن العدالة تسير في شكل طبيعي ولا توجد مدعاة للتوجس أو الريبة « فالأمور تتجه الآن في المسار الصحيح ولا شيء يدعو إلى التشبت بالشك والاتهام». وأتى كلام الرميد غداة تعبير ناشطين في حقوق الإنسان عن مخاوف من طمس الحقيقة، حيث طالب «الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان» الذي يضم 22 جمعية حقوقية غير حكومية بعدم إخفاء الحقيقة والوصول إلى الجناة الحقيقيين. وقال الرميد: «ينبغي ألا نشك كثيراً لدرجة أن نتصور أن كل ما يُنجز مجرد تمثيل أو مسرحية»، مشيراً إلى أن «هناك بحثاً وهناك مؤسسات تمارس مهماتها وقضاء يعمل»، لكن أيضاً «هناك رأي عام من حقه أن يحاسب ويتابع بمنطق متحضر يعكس صلابة ووعي المواطنين المغاربة». ويتماهى موقف الرميد مع ما صرح به رئيس الوزراء المكلف عبد الإله بن كيران الذي اعتبر أن الاحتجاجات «نوع من التعبير عن التضامن الشعبي مع بائع السمك والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الحادث» وفق ما نقل عنه الموقع الرسمي لحزبه. وعبّر بن كيران الذي كان دعا أنصاره إلى عدم التظاهر، عن تفهمه أسباب الاحتجاج، مشيراً إلى أن «المزاج العام يوجه اللوم للمسؤولين بعامة حين تكون هناك حادثة مؤلمة، ولا يميز في اللحظات الأولى بين ما إذا كان المسؤول عن القضية شخص بعينه أو إدارة محددة». وكان الرميد الذي وصف حادث سحق الضحية بالمؤلم أعلن أول من أمس، أنه طالب المدعي العام بالإسراع في التحريات حول عمليات الصيد غير القانونية في منطقة الحسيمة «مع ترتيب الآثار القانونية على ضوء النتائج» وذلك استجابةً لطلب تلقاه من وزير الداخلية محمد حصاد. وتشمل التحريات البحث عن «مخالفات صيد السمك أو حيازته أو تداوله أو مراقبته». وأكد وزير الداخلية نزاهة التحقيقات. وشدد حصاد أمس، على هامش انعقاد «الأبواب المفتوحة» في وزارة العدل والحريات أن العقاب سيطاول كل المشتبه بضلوعهم في مصرع محسن فكري، مؤكداً أن القانون «سيُطبق من دون استثناء ضد كل من له علاقة بالقضية». وقلّل وزير الداخلية من دعوات للتظاهر في مدينة الحسيمة. وقال إن «جهات معروفة تدعو إلى التظاهر ولطالما دأبت على الدعوة إلى التظاهر في كل مناسبة»، من دون أن يحدد طبيعة تلك الجهات. يُشار إلى أن جماعة «العدل والإحسان» الإسلامية المحظورة أعلنت منذ بداية القضية دعمها للمحتجين وانضمامها إلى التظاهرات. وتجددت التظاهرات في منطقة الريف تنديداً بمصرع بائع السمك. وسار مئات المحتجين أول من أمس في مدينة الناضور القريبة من الحسيمة مرددين شعارات تستنكر «جريمة قتل فكري»، وتطالب بمعاقبة الجناة. ورفع المتظاهرون لافتات ضد «الحكرة»، مطالبين السلطات بإنهاء التهميش وهدر الكرامة. ونقلت الصحافة المحلية خروج تظاهرات أخرى في منطقة بوعياش تدعو إلى إبعاد المقاربة الأمنية عن التعاطي مع انشغالات المواطنين. وأكدت المصادر أن التظاهرات الجديدة لم تلق أي اعتراض أو مواجهة مع قوى الأمن. على صعيد آخر، أشعل أب ل 4 أطفال يدعى عبد السلام الصالحي النار في نفسه أول من أمس، في مدينة العيون كبرى محافظات الصحراء احتجاجاً على عدم الاستجابة لمطلبه بالعمل. وقالت المصادر إن الضحية نُقل إلى المستشفى لتلقي العلاج بعد إصابته بحروق من الدرجة الثالثة. وباغت الصالحي رجال سلطة أمام مقر ولاية العيون بصب الزيت وإحراق نفسه بعد رفضهم دخوله لتقديم شكواه. وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو يعرض فيه الضحية مشكلته، حيث قال إنه ظل يناشد المسؤولين في محافظة العيون بتوفير عمل له استجابة ل«رسالة ملكية» تلقاها من العاهل المغربي الملك محمد السادس حين كان ولياً للعهد في العام 1996، إلا أن طلبه قوبل مراراً بالرفض. ويقول الصالحي في الشريط إنه تعرض للتشرد وتركته زوجته وأبناؤه بسبب فقره.