أعطى العاهل المغربي الملك محمد السادس أوامر جديدة بتوسيع نطاق التحقيقات في قضية مصرع بائع السمك محسن فكري سحقاً في ناقلة نفايات. أتى ذلك تزامناً مع قرار قاضي التحقيق إحالة 8 متهمين على الاعتقال الاحترازي واستمرار ملاحقة 3 آخرين واطلاق سراحهم موقتاً. وأفاد بيان صادر عن المدعي العام بأن الاعتقال شمل رجلَي أمن ومندوب الصيد البحري ورئيس مصلحة في مندوبية الصيد البحري وطبيب رئيس مصلحة الطب البيطري، و3 عمال في شركة جمع النفايات، مشيراً إلى أن التحقيقات «لا تزال في مراحلها الأولى وأن قاضي التحقيق هو مَن يملك صلاحية إحالة هؤلاء على المحكمة». واتسع نطاق التحقيقات خارج دائرة المعتقلين الثمانية إلى داخل ميناء الحسيمة حيث اشترى محسن فكري نصف طن من سمك أبو سيف، المحظور صيده وفق قرار صادر عن وزير الصيد البحري في عام 2013. وجاء في بيان رسمي أن تحقيقاً سيُفتح في شأن الظروف التي جرى فيها شراء وإخراج كمية من السمك غير المرخص من الميناء. ولفت البيان إلى أن وزير الداخلية محمد حصاد طلب إلى وزير العدل والحريات في الحكومة المنتهية ولايتها مصطفى الرميد «فتح تحقيق حول عمليات الصيد غير القانونية في منطقة الحسيمة، مع ترتيب الآثار القانونية على ضوء نتائجه». ويعتبر تدخل الملك، الثاني من نوعه في قضية محسن فكري منذ إرساله وزير الداخلية إلى بيت الضحية لتقديم العزاء وطمأنة أسرته إلى أن التحقيق سيذهب إلى مداه الأبعد. في غضون ذلك، دعا نشطاء في مجال حقوق الإنسان إلى عدم الالتفاف على الحقيقة في قضية «طحن» محسن فكري. وعبّر «الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان» في مؤتمر صحافي عقده في الرباط أول من أمس، عن ارتيابه من سير التحقيقات في الملف، مذكراً بتحقيقات سابقة «غالباً ما يلفها النسيان من دون الوصول إلى الحقيقة». وطلب عبدالإله بن عبدالسلام منسق الائتلاف الحقوقي الذي يضم 22 جمعية حقوقية غير حكومية بعدم طمس الحقيقة والوصول إلى الجناة الحقيقيين، مشيراً إلى التحضير لإرسال مذكرة إلى رئاسة الوزراء والبرلمان حول أوضاع حقوق الإنسان في المغرب. واعتبر أن أوضاع حقوق الإنسان تشهد تدهوراً تعبّر عنه حالة «طحن» بائع السمك في الحسيمة وحالات أخرى سابقة أضرم خلالها أشخاص يائسون النار في أجسادهم. في غضون ذلك، سببت تدوينة للبرلمانية عن حزب «الاتحاد الدستوري» المعارض خديجة زياني سجالاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد وصفها سكان الريف ب «الأوباش» تعليقاً على صورة مفترضة يظهر فيها أحد المحتجين يرفع علماً إسبانياً في تظاهرات الحسيمة. وكتبت زياني على حسابها في موقع «فايسبوك»: «بالنظر إلى الصورة فإن الحسن الثاني رحمه الله كان محقاً في نعت من يقصد بالأوباش، كان صادقاً. الفتنة نائمة لعن الله مَن أيقظها». وطالب مدونون بإقالة البرلمانية ومقاضاتها بتهمة التمييز، مستنكرين ما ذهبت إليه، ما اضطرها إلى الاعتذار «بعد تأكدها من أن الصورة مفبركة» وفق ما قالت، موضحةً أنها لم تقصد الإساءة إلى أهل الريف. لكنها رفضت ما وصفته بالاستغلال السياسي لتعليقها. ويثير وصف الأوباش حساسية مفرطة في منطقة الريف كونه يحيل على وصف أطلقه عليهم الملك الراحل الحسن الثاني في خطاب ألقاه في الثمانينات رداً على تظاهرات عنيفة شهدتها المنطقة. ونأى «الاتحاد الدستوري» بنفسه عن تصريح زياني، ووصف في بيان أصدره أمس، ما كتبته بالخطير وبأنه «موقف شخصي لا يترجم من قريب ولا من بعيد موقف الحزب، ولا كتلته البرلمانية». أتى ذلك في وقت تشهد منطقة الريف هدوءاً حذراً وسط دعوات إلى التظاهر مجدداً نهاية الأسبوع الجاري.