أكد وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني محمد الصفدي، في حديث إلى «الحياة»، أن الاتفاقين بين البلدين المتصلين بالتجارة والنقل هما لمصلحة لبنان أكثر مما هما لمصلحة سورية». وأوضح أن «بمراجعة كل الاتفاقات باستثناء تلك المتعلقة بالأمن والمياه اللتين تختلف الآراء في شأنهما، تصبّ في مصلحة لبنان». ولفت إلى أن الجانب السوري «تعاون مع لبنان بما يتجاوز نصوص الاتفاقات، ويحاول لبنان في الاجتماعات المشتركة استعادة التسهيلات التي كان حصل عليها لإدراجها في الاتفاقات». وأعلن الصفدي أن الاتفاقات ومذكرات التفاهم التي وُقعت في العاصمة السورية خلال زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري، «تشكل أطر التعاون المستقبلي». وأشار إلى أن «الاجتماعات التي عقدها مع الجانب السوري بمشاركة فريق عمل الوزارة، تطرقت إلى الأمور التفصيلية المتعلقة بشكاوى الصناعي والمصدّر وتجار الترانزيت، إذ رأينا وجود حاجة إلى تعاون سوري في هذا المجال». وشدّد على أن الجانب السوري «أبدى كل تعاون وتجاوب». وأعلن «عقد اجتماعات تكميلية مع وزارة الاقتصاد السورية في لبنان بعد عيد الفطر، لاستكمال البحث في المواضيع التي بدأنا مناقشتها في دمشق». ولفت الصفدي إلى «عمل جدي لحلّ الأمور العالقة»، معتبراً أن أطر الاتفاقات «ممتازة، والهدف من الاجتماعات تذليل العقبات أمام تنفيذها». وإذا كان يوجد أمل في التوصل إلى تطبيق الاتفاقات من الجانبين، لم يستبعد الصفدي ذلك، موضحاً أن «للطرف السوري أيضاً شكاوى مماثلة لشكاوى الجانب اللبناني في مجال التصدير والتجارة». لذا رأى أن من مصلحة البلدين «حلّ كل الأمور». وعن اقتراح الجانب السوري إقامة مناطق صناعية على الحدود بين البلدين، أكد الصفدي «اهتمام الصناعيين اللبنانيين بإقامة مدن صناعية تخضع لقوانين خاصة، والمدينة الصناعية الأولى التي بدأنا التفكير بها، ستكون قريبة من الحدود الشمالية اللبنانية، وتوظّف يداً عاملة من لبنان وسورية وتضم صناعات متنوعة، كما تكون أسواق تصريفها متوافرة في لبنان وسورية». ووصف الفكرة بأنها «جيدة، ونطوّرها أكثر وهي قيد البحث لتشمل المدن الصناعية لبنان وسورية وتركيا والأردن». واعتبر أن الهدف من هذه المدن الصناعية «ألا تكون مقيّدة بالقوانين القائمة في البلد الذي توجد فيه، وسيسلك إنتاجها إلى كل من السوقين أو إلى أسواق الدول الأخرى». ولفت إلى «اقتراح بتوحيد نقطة الجمارك بحيث تكون مشتركة وتسهّل على المصدرين عملية تخليص البضائع، فتوفّر الوقت والتنقل بين النقطتين، وبوشر في تنفيذ الخطوة في نقطة الدبوسية الحدودية، وهذا الأمر لا ينسحب على انتقال الأشخاص مع العلم أن الاقتراح كان يشمل ذلك». وقال الصفدي، إن سبل التعاون في المجالات التجارية والسياحية والنقل «متجهة إلى اتفاق نهائي وإلى حلّ ثابت». وشدد على أن من مصلحة لبنان «الوصول بالعلاقة اللبنانية - السورية في المجال الاقتصادي إلى اتفاق». التطوّر المرحلي وشرح رئيس مصلحة التجارة في وزارة الاقتصاد والتجارة مالك عاصي في حديث إلى «الحياة»، المراحل التي قطعتها الاتفاقات منذ توقيع اتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي عام 1993، والتفاصيل التقنية قيد البحث حالياً لتذليل المعوقات أمام عملية التنفيذ. فأوضح أن اتفاق التعاون الاقتصادي والاجتماعي المبرم عام 1993، يدعو إلى إقامة تكامل اقتصادي، لكنه لم يضع الآليات التنفيذية، وتُرك الأمر للجان الفرعية التي ينص الاتفاق على تشكيلها، وهي باشرت اجتماعاتها منذ وضع الاتفاق حيز التنفيذ. كما بدأ الجانبان وضع الآليات التنفيذية لاتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي في اجتماع مشترك برئاسة رئيسي الوزراء في البلدين بتاريخ 7 شباط (فبراير) عام 1998، واتُفق في حينه على خفض الرسوم الجمركية على المنتجات الصناعية الوطنية المتبادلة بين البلدين بواقع 25 في المئة سنوياً بدءاً من أول كانون الثاني (يناير) عام 1999، وعلى مدى أربع سنوات. ثم باشرت اللجنة الاقتصادية الفرعية المشتركة متابعة تنفيذ هذا الاتفاق وتذليل المعوقات الفنية والإدارية التي تعترض تنفيذه. وفي 14 آب (أغسطس) عام 1998، وفي إطار اللجنة الاقتصادية الفرعية اتُفق على آلية تنفيذية لتحرير تبادل المنتجات الزراعية بإلغاء الرسوم الجمركية تدريجاً وفق جدول زمني بدأ أيضاً مطلع 1999، بواقع 50 في المئة في السنة الأولى ثم 10 في المئة». لكن على رغم وصول الرسوم إلى الصفر، لفت عاصي إلى «استمرار وجود لوائح سلبية لدى كل من البلدين، لذا كان التوجه بعد 2002، إلى إيجاد آليات لإلغائها وتذليل بعض قيود تُطبّق على التجارة، وهي فنية وإدارية، وكان ذلك من مهمة اللجان الفرعية التي واصلت اجتماعاتها منذ العام 1999 حتى 2005، ثم استؤنفت مطلع هذه السنة». وأوضح أن الاتفاقات «تنصّ على تحرير التبادل التجاري، بإلغاء الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب ذات الأثر المماثل والقيود غير الجمركية، فضلاً عن قضايا أخرى تتصل بتفعيل الاتفاقات وتطويرها». وعرض عاصي المعوقات التي ستعالجها اللجنة في الاجتماعات التي بدأت الشهر الماضي، لافتاً إلى نقاط أخرى عالقة منذ العام 2005، «تتمثل في فرض عدد من رسوم الخدمات غير المتوافقة مع المعايير المعتمدة والضرائب ذات الأثر المماثل للرسوم الجمركية، ونعمل على معالجتها حالياً. كما اتفقنا في الاجتماع الأخير برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي على معالجة معوقات أخرى، تتمثل في القائمة السلبية لعدد قليل من السلع، تعهد لبنان بإلغائها، ونحن نحضّر القرار لذلك». ولفت إلى أن البحث «تطرق إلى مجالات التعاون في الملكية الفكرية، وموضوع التحقق من المنشأ للسلع الوطنية في كلا البلدين، التي كانت تشكل عائقاً أمام التجارة اللبنانية». إذ اعتبر أن «الشك في المنشأ أمر يحصل عادة في التجارة التفضيلية بين الدول، لكن يجب أن يبقى محصوراً ضمن المعقول ولا يتحوّل إلى معوّق لحركة التجارة». وأعلن «الاتفاق خلال هذا الاجتماع على أن تستمر اللجنة المشتركة المعيّنة منذ 1999 تاريخ بدء التطبيق، في مهمتها القاضية بزيارة المعمل المنتِج للتأكد من المنشأ، وفي حال لم تتوصل إلى رأي موحّد، تحال القضية على معهد البحوث الصناعية في لبنان في حال الشك في منتج لبناني، وعلى الجهة السورية المقابلة في حال اتصل الأمر بمنتج سوري، وتُقبل النتيجة التي تتوصل إليها الجهتان». وأشار عاصي إلى أن اللقاء «تناول أيضاً موضوع المواصفات والمقاييس»، معلناً أن «الطرفين يتجهان إلى توقيع اتفاق تعاون في مجال الجودة».