أبدى تنظيم «داعش» أمس مقاومة شديدة على جبهات القتال قرب الموصل حيث أشعل حرائق كبيرة، محاولاً إعاقة تقدم القوات العراقية التي وصلت إلى المدخل الشرقي للمدينة التي يعتبرها التنظيم «عاصمته» في العراق. وفيما لمّح التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن إلى إمكان تقديم دعم جوي ل «الحشد الشعبي» إذا طلبت الحكومة العراقية ذلك، برز تصعيد تركي جديد تمثّل بإرسال تعزيزات من الدبابات إلى الحدود مع العراق، وسط تحذيرات من تدخل عسكري في حال ارتكب «الحشد» تجاوزات في حق سكان تلعفر التركمان، علماً أن «الحشد» يريد السيطرة على هذه المنطقة لقطع طريق فرار عناصر «داعش» من الموصل إلى الرقة في سورية. ورد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس على الخطوة التركية بالقول «إننا حريصون على تلعفر اكثر من غيرنا»، مقراً بأن «خطر التدخل التركي لا يزال موجوداً»، متهماً «القيادة التركية» بأنها قامت ب «تصعيد خطير في الفترة الماضية». وقال إن العراق لا يريد حرباً أو مواجهة مع تركيا ولكن «إذا صارت فإن الأتراك سيدفعون ثمناً باهظاً». وأوردت وكالة «أنباء الأناضول» التركية شبه الرسمية، أن «عدداً كبيراً من الدبابات والعربات المدرعة التركية» انطلق نحو ولاية شرناق (جنوب شرق) المحاذية للحدود مع العراق. ونقلت عن مصادر عسكرية «أن وحدات من الدبابات والعربات المدرعة التركية، انطلقت من ثكناتها في أنقرة وجانقيري (وسط)، باتجاه قضاء سيلوبي في ولاية شرناق، في إطار التعزيزات العسكرية على الحدود مع العراق»، مضيفة أن قوات المشاة المؤللة في قيادة اللواء 28 كُلّفت الإشراف على عملية نقل التعزيزات العسكرية. وكان الرئيس رجب طيب أردوغان قال السبت إن تركيا سيكون لها «رد مختلف» على الفصائل الشيعية إذا «أثارت الرعب» في مدينة تلعفر التي تقع على بعد نحو 170 كيلومتراً من سيلوبي ويقطنها عدد كبير من المتحدرين من أصل تركماني وتربطهم علاقات تاريخية وثقافية بتركيا، بحسب ما أشارت «رويترز»، التي لفتت أيضاً إلى أن ولاية شرناق التي تقع فيها سيلوبي هي إحدى مناطق الصراع الرئيسية بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني الذي له قواعد في شمال العراق. وأمس قال فكري إشيق، وزير الدفاع التركي، إن نشر القوات على الحدود مع العراق مرتبط بمكافحة الإرهاب والتطورات في العراق. مضيفاً لمحطة تلفزيونية تركية إن بلاده «ليس عليها التزام» بالانتظار وراء حدودها وستفعل كل ما هو ضروري إذا أصبح لعناصر حزب العمال الكردستاني تواجد في منطقة سنجار العراقية. وبالنسبة إلى معركة الموصل، واجهت قوة مكافحة الإرهاب العراقية أمس عقبات في خرق خطوط «داعش» في قرية قوقجلي، التي تعد أول المداخل المؤدية إلى مركز الموصل، بعد تعرضها لهجمات انتحارية بعربات مفخخة، وقدرة أبداها التنظيم في التخفي بالاعتماد على شبكات الأنفاق، إضافة إلى إشعاله الحرائق بواسطة حرق الإطارات والنفط الأسود لنشر الدخان الذي غطى سماء موقع الاشتباكات بهدف منع الطائرات من مساندة القوات العراقية المتقدمة نحو مواقعه. وقالت قيادة «العمليات المشتركة»، خلال مؤتمر صحافي عقدته أمس في محور مخمور جنوب شرقي الموصل، إن «الفرقة التاسعة تقدمت إلى مناطق قريبة من الساحل الأيسر (الشرقي) في الموصل». وأكد صباح النعمان الناطق باسم «جهاز مكافحة الإرهاب» الذي يتولى مهمة اقتحام الجهة الشرقية، أن «الجهاز حقق كل أهدافه وتقدم بشكل كبير نحو الموصل». وأضاف أن «المعركة تسير وفق ما خطط لها وستحقق نتائج كبيرة وستُحسم لمصلحة القوات الأمنية وأهلنا في المدينة»، مشيراً إلى أن «هناك تنسيقاً عالياً بين جميع محاور العمليات للاتجاه نحو المدينة بالتوقيت الزمني ذاته، وهو ما يُحسب لقيادة العمليات». وأعلن جهاز مكافحة الإرهاب، استعادة السيطرة في شكل كامل على بلدة قوقجلي ومحطة تلفزيون الموصل الواقعتين على أطراف مدينة الموصل من الجهة الشرقية. وقال الفريق عبدالوهاب الساعدي من جهاز مكافحة الإرهاب لوكالة «فرانس برس»: «أنهينا تطهير بلدة قوقجلي وسيطرنا على مبنى محطة تلفزيون الموصل والتقدم مستمر». وكان رئيس جهاز مكافحة الإرهاب العراقي الفريق أول ركن طالب شغاتي أعلن في وقت سابق بدء «التحرير الفعلي» لمدينة الموصل. وشدد الناطق باسم التحالف الدولي جون دوريان خلال مؤتمر صحافي، على أن التحالف «يراقب عن كثب تحركات عناصر داعش الذين لن يتمكنوا من الهروب (من الموصل) إلى مدينة الرقة السورية، على رغم أن أعداداً صغيرة من الإرهابيين قد تحاول الهروب، وسنقوم بقصف أي تحرك للإرهابيين». وفي رد على سؤال في شأن إمكان توفير الدعم الجوي ل «الحشد الشعبي»، قال إن «التحالف سيوفّر الدعم الجوي في أي مكان في حال طلب رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي». وصرح العبادي مساء الإثنين لتلفزيون «العراقية» الرسمي، بأن الخطة تقضي بأن «نغلق على داعش من كل مكان»، مضيفاً: «ليس لهم مخرج أو مفر. يموتون أو يستسلمون».