قبل عام التقيت مدرب أحد فرق الدرجة الثانية في الدوري الجزائري فحدثني عن لاعب أفريقي انتسب لفريقه مدة ثلاث سنوات على أساس أنه من بوركينا فاسو، ويوم المغادرة قال لرئيس النادي والمدرب والحاشية «اعذروني إذا أخبرتكم اليوم أنني كاميروني ولا علاقة لي ببوركينا فاسو... والسبب أنني لو لم أغير جواز سفري ما حصلت على رخصة التسريح من فريقي الكاميروني». حدث هذا في الجزائر... ولا أغالي إذا قلت إن اللاعبين الذين يأتون هكذا مثل «الحراقة» أو المتسللين عبر قوارب الموت، لو وضعوا تحت جهاز «سكاينر» لاكتشف ما هو أعظم. أقول هذا لأن ما حدث للمنتخب البحريني وهو يواجه منتخباً مغشوشاً اسمه «التوغو»، أمر لا يصدق، فقد أسهبت الصحف والمواقع الإلكترونية في رواية ما حدث في المنامة من عملية نصب «دولية»... ولكم أن تتصوروا منتخباً «مفبركاً» يأتي إلى بلد مشهود له بأصول الضيافة، ويقيم في فندق خمسة نجوم، ويدلي لاعبوه «المرتزقة» بتصريحات حول المباراة وأهميتها في تحضير البحرين للمنافسات الآسيوية والتوغو للتصفيات الأفريقية، ويصدقهم الناس، بينما هم نصابون على التوغو أولاً ثم البحرين... ويخرجون يوم المباراة إلى الملعب، حيث يرفع العلم التوغو إلى جانب البحريني ويعزف النشيدان، ويحيي اللاعبون بعضهم بعضاً ثم يرفعون أيديهم تحية للجماهير الوافدة، بينما يقوم الحكم الدولي بالقرعة لاختيار الجهة التي يلعب فيها كل منتخب، وينطلق اللقاء، فيشعر المدرب البحريني أن منافسه يلعب وكأنه «مسطول... نايم على طول»، ويرجع ذلك ربما إلى التعب والإرهاق الذي نال اللاعبين المحترفين القادمين من أرجاء المعمورة، ولكن الأمر يستمر طيلة التسعين دقيقة، ومع ذلك لا يسجل منتخب البحرين سوى ثلاثة أهداف (...). ويبدأ الشك، ويظهر في الأفق شارلوك هولمز ليحقق في عملية نصب مرتبة بصورة لم يتفطن إليها أحد، إلى أن اشتكى التوغوليون من أنهم لم يوفدوا أي منتخب لمواجهة البحرين، وكاد وزير الرياضة في هذا البلد يقول «يبدو أن منتخبنا تعرض للقتل مرتين، في كابيندا عشية كأس أمم أفريقيا، وهذه المرة في المنامة ونحن نيام». لقد ضربت بعض المواقع الإلكترونية أخماساً بأسداس عند ما علمت بالموضوع، وزاد استغرابها، كيف أن «مرتزقة» ينجحون في الضحك على اتحاد كرة بكونهم يحملون ترخيص الفيفا بالنشاط ضمن «السمسرة الكروية» أي أنهم مخولون لتنظيم مباريات دولية. ولكن أن يصل الأمر إلى حد تشكيل منتخب من لاعبين مرتزقة جلبوا من ملاعب متفرقة، وبجنسيات مختلفة، ويقدمون أنفسهم على أنهم يمثلون منتخباً وطنياً، ويرتدون ألوانه، ويقفون إجلالاً لنشيده الوطني، ويدلون بتصريحات. ويقبضون في النهاية عمولة من السمسار بعد أن يغادروا المنامة في وضح النهار، ثم يذوبون كالملح في الماء. إن ما أتمنّاه أمام هذا التصرف الغريب، أن يأتي قائد شرطة دبي ضاحي خلفان إلى المنامة ويشرع في كشف شبكة التوغو المزيفة، ويظهر صور المتورطين من سماسرة ولاعبين، حتى يقتص منهم البحرينيون، ولا تتكرر مثل هذه الألاعيب في الملاعب. ولكن السؤال الذي يتكرر كيف سجل منتخب البحرين ثلاثة أهداف فقط أمام منتخب من المرتزقة؟ أم أن الذي نجح في العبث بسيادة بلد (توجو) يمكنه أن يمنع كشف أمره لو أن النتيجة كانت عشرة أهداف. [email protected]