في محكية معظم دول الخليج تأتي عبارتا «يا الله لك الحمد والشكر» و«الحمد لله رب العالمين» في سياق الاستغراب أو الاستهجان من فعل يراه المرء أو قول يسمعه، والمعنى هو حمد المولى على نعمة العقل أو «الركادة» من مبدأ العافية مما ابتلي به الغير، هذا بالطبع إضافة إلى استخدامها الأصلي في شكر الخالق. ويمكن تأكيد أن العبارة في السياق أعلاه إذا صاحبتها الحركة القديمة نسبياً وهي تقبيل اليد أو الأصابع ثم الارتفاع بها لملامسة الأنف ثم الجبهة في حركة سريعة خفيفة بالكاد تلحظ تفاصيلها تؤكد المقصود. ويمكن أن يكون الأمر موجّهاً لك بحمد الله وشكره لهجاء أحد أو الاستهزاء بشيء أو بلد من قبيل «أحمد ربك انك ما تشجع نادي الزرادية» - هو أحد ناديين أسسهما عبدالسلام الهليل، ولم يسجلهما في أي اتحاد محلي أو دولي - أو من قبيل «أحمد ربك انك ما تشتغل في المكان الفلاني». يوم الأربعاء الماضي، قرأت رسالة مواطن إلى إحدى الصحف يشكو من موظف بنك التسليف السعودي الذي قال له بعد جدل حول معاملته: «احمد ربك اللي قبلنا أوراقك»، وبالتأكيد بعدها سمعنا وسنسمع من يقول هذه العبارة للمواطن والمقيم في بعض أقسام الشرطة إذا سُرق شيء من سيارته «احمد ربك ما انسرقت السيارة»، وإذا حدث وسرقت تغيّرت العبارة «احمد ربك أن طفلك أو زوجتك مو فيها»، وإذا سرق ملحق المنزل أو الغاز «احمد ربك ما انسرق البيت كله»... وهكذا دواليك. في المرور عند الفصل في خسائر الحوادث «احمد ربك على سلامتك»، وفي المستشفى «احمد ربك لقيت موعداً بعد ستة أشهر»، وفي المدرسة «احمد ربك سجّلنا ولدك»، وفي كثير من المواقع تأتيك العبارة على طريقة كبار السن عند الحوادث والمشكلات عندما يقولون: «الحمد لله اللي ما جعله أعظم». الحمد والشكر لله والثناء عليه واجب، ويكافأ فاعله بالزيادة دوماً بوعد رباني «لئن شكرتم لأزيدنكم»، ورسولنا عليه الصلاة والسلام عبد شكور، والنقاش ليس لفعل القول بنية العبادة أو الاستزادة، بل هو لثقافة انتشرت بكثرة على لسان الموظف الحكومي في كثير من الجهات بطريقة يتوقع أنها تسكت من يشكو أو يتذمر، وهي ثقافة مخاطرها كثيرة، بدءاً بترهل الأداء، وانتهاء بالإحباط الذي يصيب المراجع وتأثيره على نظرته وعلاقته بالجهات الحكومية، ومروراً بالفاقد الاقتصادي والاجتماعي. السؤال كيف ترد على موظف أو غيره يتبع معك هذا التكتيك عامداً، أو مقلداً لغيره، أو حتى في أحسن الحالات غافلاً عن المعنى والمغزى ونيته طيبة، غداً سأخبرك. [email protected]