عقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو جلسة محادثات مساء أمس في مقر إقامة الأخير في القدس، حضرتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ركزت على جدول أعمال المفاوضات التي أكدت واشنطن أنها «دخلت إلى صلب الموضوع، وبدأت مناقشة القضايا النهائية». وقال نتانياهو رداً على سؤال في بداية اللقاء الثلاثي عما إذا كان الجانبان حققاً تقدماً: «نحن نعمل على تحقيق ذلك... لكنه يتطلب عملاً كثيراً. ويسعدني أن أرحب بالرئيس عباس والوزيرة كلينتون هنا في سعينا إلى تحقيقه (السلام)، وأعتقد أن علينا المضي قدماً». من جهته، كتب عباس في الكتاب التذكاري لزوار مقر رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يعود إليه للمرة الأولى منذ تسلم نتانياهو السلطة: «أعود اليوم إلى هذه المكان بعد فترة طويلة من الغياب، لاستئناف المفاوضات على أمل التوصل إلى سلام دائم في المنطقة كلها، خصوصاً بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني». وجاء اللقاء الثلاثي بعد سلسلة لقاءات عقدتها كلينتون أمس مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين، بينهم الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ووزير دفاعه إيهود باراك ونظيرها أفيغدور ليبرمان ورئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض، بحثت في عدد من الصيغ لتجاوز عقبة الاستيطان التي تهدد المفاوضات. وقالت الوزيرة عقب لقائها بيريز، إن عباس ونتانياهو «جادان إزاء رغبتهما في التوصل إلى اتفاق»، مؤكدة أنهما «يدخلان في صلب الموضوع وبدآ في بحث المسائل الجوهرية التي لا يمكن حلها إلا من خلال مفاوضات مباشرة». واعتبرت أنه «آن الاوان لذلك، وهما القائدان اللذان تدعمهما الولاياتالمتحدة لاتخاذ القرارات الصعبة». وأضافت: «امضيت معهما ساعات طويلة، وأنا على قناعة بأنهما صادقان في نواياهما في كل ما يتعلق بعملية السلام». ودعتهما إلى عدم تفويت «لحظة مؤاتية» للسلام، لأن الأمر الواقع «غير قابل للدوام». غير أن مسؤولين فلسطينيين أكدوا ل «الحياة» أن «الاستيطان ما زال يشكل العقبة الأساس أمام استمرار المفاوضات». وقال مسؤول رفيع إن الجانب الأميركي يناقش عدداً من الصيغ لتجاوز هذه العقبة، «منها تجميد الاستيطان في قلب الضفة الغربية ومواصلته في الكتل الحدودية، أو تجميد الاستيطان مع عدم إعلان ذلك، أو مواصلة بناء عطاءات قديمة وعدم إعلان عطاءات جديدة». من جهته، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبدربه أن الجانب الفلسطيني «يصر على التجميد الكلي للاستيطان، ولن يسمح بالعودة إلى مفاوضات تستغلها إسرائيل غطاء لمواصلة التوسع الاستيطاني». وقال إن «عقبة الاستيطان ما زالت تحول دون البحث في القضايا الجوهرية». وشدد على «أهمية اتخاذ موقف واضح من قبل الأطراف الراعية لهذه المفاوضات إزاء الاستيطان باعتباره يهدد إمكان إجراء مفاوضات جدية تفضي إلى نتائج». وتزور كلينتون اليوم رام الله لتلتقي عباس مجدداً. وأعلن مسؤول أميركي طلب عدم الإفصاح عن اسمه أن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل سيزور سورية اليوم ولبنان غداً، سعياً إلى الدفع قدماً بسلام أوسع نطاقاً بين إسرائيل والعالم العربي، فيما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتانياهو قد يتوجه إلى واشنطن خلال أيام، مع توقع تدخل الرئيس الأميركي باراك أوباما لحل الخلاف في شأن الاستيطان. إلى ذلك، ينتظر أن يعلن مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية خلال اجتماعه في القاهرة اليوم، رفض المطلب الإسرائيلي الاعتراف ب «يهودية الدولة»، والإعراب عن دعم مطلب السلطة الفلسطينية وقف الاستيطان. وحصلت «الحياة» على مشاريع القرارات التي رفعها المندوبون في ختام أعمالهم أمس إلى المجلس الوزاري. ويؤكد مشروع القرار المتعلق بالمفاوضات «ضرورة استمرار دعم منظمة التحرير في مطالبتها إسرائيل بالوقف الكامل للاستيطان، وأن المفاوضات المباشرة مع إسرائيل يجب أن ترتكز إلى مرجعية عملية السلام وإطار زمني محدد وأن النقاش في شأن الحدود لابد من أن يستند إلى إنهاء الاحتلال الذي بدأ العام 1967 والشروع في قضايا التسوية النهائية للصراع، وعلى رأسها الاستيطان والقدس واللاجئين والحدود والمياه والانسحاب من كل الأراضي العربية». ويعرب مشروع القرار عن «رفض المواقف الإسرائيلية الخاصة بمطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية دولة إسرائيل». ويطالب الرئيس الأميركي «بعدم قبول الادعاءات الإسرائيلية لاستمرار الاستيطان... والضغط على إسرائيل لوقف كامل وفوري للاستيطان»، محذراً من أن استمراره «سيؤدي إلى فشل المحادثات».