أهدر الحزب الجمهوري فرصة محورية لانتزاع مجلس الشيوخ بانتخابه مرشحين من اليمين المتطرف في الجولة الأخيرة من المعارك التمهيدية لانتخابات الكونغرس، وذلك بسبب الصعوبات التي سيواجهها اليمين المتطرف في منافسة الديموقراطيين. وأدى الاستياء المتزايد في صفوف الرأي العام الأميركي من النخبة السياسية في واشنطن وأجندتها التقليدية، الى فوز السياسية اليمينية المتطرفة كريستين أودونيل بترشيح الحزب في ولاية ديلاوير امس، على رغم معارضة القيادة الجمهورية لها. وتحت عنوان «كابوس الجمهوريين: أودونيل تفوز بلقب الحزب في ديلاوير»، لخصت صحيفة «بوليتيكو» المشهد الانتخابي المتحول أمس. وفي ضوء المخاوف المتزايدة لدى الحزب الديموقراطي من خسارته مجلسي الشيوخ والنواب في الانتخابات النصفية في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية وتراجع شعبية الرئيس باراك أوباما، تأتي نقلة الناخب الجمهوري نحو اليمين المتطرف في اختيار مرشحيه، لتحد وبحسب الاستطلاعات من فرص الجمهوريين وحظوظهم. ويعني فوز مرشحة اليمين أودونيل على النائب المخضرم مايك كاسيل المدعوم من القيادة الحزبية أمس بنسبة 53 مقابل 47 في المئة، ان المرشحة الجمهورية ستواجه معركة صعبة أمام الديموقراطي كريس كونز بسبب مواقفها المتشددة في القضايا الاقتصادية والاجتماعية وغياب دعم المعتدلين والمستقلين لحملتها. وبالتالي سيكون أمام الجمهوريين طريق أكثر تعرجاً في محاولتهم الفوز بالمقاعد العشرة المطلوبة لانتزاع مجلس الشيوخ. ويأتي صعود أودونيل في ديلاوير ليكرر النزاع داخل الحزب الجمهوري بين القيادة السياسية في واشنطن والتي تدعم مرشحين معتدلين والقاعدة الحزبية الممولة من حركة «تي بارتي» (حزب الشاي) التي تساهم في وصول أسماء متشددة مثل مارك روبيو (فلوريدا) أو باتريك تومي (بنسلفانيا) وإطاحة المرشحين التقليديين مثل أورين هاتش (ولاية يوتاه) أو تشارلي كريست (فلوريدا). ويبدو الحزب الديموقراطي المستفيد الأكبر الى الآن من هذا الانقسام الداخلي، وبسبب انتعاش حظوظه في ولايات كان بدأ يفقد الأمل بالفوز فيها، أبرزها ولاية نيفادا حيث يتقدم زعيم الديموقراطيين هاري ريد على المرشحة الجمهورية المتشددة شارون أنغيل، وفي كولورادو حيث يتصدر المرشح الديموقراطي مايكل بنيت على الجمهوري المتشدد كين باك. ويتكرر السيناريو نفسه في كنتاكي كما في ديلاوير، حيث قد تطيح الموجة «الانقلابية» داخل الحزب الجمهوري فرصه في استعادة المطرقة الاشتراعية خصوصاً في مجلس الشيوخ، فيما تبدو المعركة على مجلس النواب أسهل أمام الحزب المعارض. وستكون الأسابيع السبعة الأخيرة حاسمة في تحديد أفق المعركة، وسيعتمد فيها الديموقراطيون على حضور مكثف للرئيس أوباما في الولايات الحاسمة وتركيز على نجاح الحزب الديموقراطي في وقف «النزيف الاقتصادي» الذي يحمل الرئيس السابق جورج بوش مسؤوليته، وعلى النجاح في وضع قوانين تاريخية بينها الضمان الصحي وفرض رقابة أفضل على المصارف. أما الجمهوريون فأمامهم متسع أكبر من القضايا لاجتذاب الناخب ومناخ أشبه بعام 1994 تاريخ انتزاعهم الأكثرية في المجلسين. ويوظف الحزب الجمهوري في شكل كبير أرقام البطالة (9.6 في المئة) ونمو العجز لبناء حملته وانتقاد سياسات أوباما وزيادته الدور الحكومي في ادارة الاقتصاد. وتعكس استطلاعات الرأي احتدام المعركة في شكل كبير على مجلس النواب وتقدم الجمهوريين بمعدل ثلاثة مقاعد، وتفوق طفيف للديموقراطيين في مجلس الشيوخ. من هنا سيخوض الحزبان معاركهم الانتخابية على كامل الخريطة ومن دون استثناء ونظراً الى المفاجآت السياسية التي حملتها في هذا الموسم الانتخابي ولايات مثل ماساشوستس أو ديلاوير.