لا شك في أن محمد أركون هو من أعلام الفكر العربي الحديث، وقد تصدّى بجرأة وعمق لقضايا الفكر الديني وإعادة قراءة التراث والنصوص في ضوء معطيات العصر الذي يعيش فيه. إنه رائد من رواد الفكر النقدي، وقد اختط منهجاً جديداً لقراءة التراث الفكري الاسلامي يختلف عن المنهج الاستشراقي القائم في شكل أساس على التحليل الفيلولوجي أو اللغوي. وبدا أركون مختلفاً في مقارباته عن خط المفكرين التقليديين والمحافظين. وعرف أركون بما دعا اليه في ما سمّاه «الاسلاميات التطبيقية» التي أكد فيها أن ليس من الكافي في القراءة النقدية والتحليلية الارتكاز الى تحليل اللغة والمفردات ولا بدّ من وضع النص في سياقه التاريخي والاجتماعي والمعرفي. وقد أضاف أركون الكثير من الاجتهادات والمقاربات في نتاجه الفكري، وكان يرى أن التاريخ موسوم بالصبغة الايديولوجية وأن كل قراءة ايديولوجية هي قراءة موجهة وغير قادرة على الوصول الى الحقيقة الموضوعية. ويصر أركون على المعرفة العلمية للدين وهي تتيح بحسب رأيه امكان اعادة النظر في التاريخ الاسلامي. وأعتقد أن محمد أركون ترك منظومة فكرية مهمة يجب على المفكرين الآن أن ينطلقوا منها ويعملوا على تطويرها.