استبعدت مصادر وزارية لبنانية رفيعة ان يترتب على «الإشكال التقني» الذي حصل بين وزير الداخلية والبلديات زياد بارود والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي على خلفية عدم الأهلية القانونية للأخير في الرد على رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون في شأن توقيف فرع المعلومات للقيادي في التيار العميد المتقاعد فايز كرم بتهمة التعامل مع إسرائيل (نُقل منذ 3 أيام من مقر توقيفه في مقر المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي الى سجن المعلومات في رومية)، أي تداعيات سياسية يمكن ان تخرق الجهود الرامية الى التهدئة والحفاظ على الاستقرار العام، باعتبار ان النزاع على قانونية توقيف كرم لا يلغي التدبير الذي اتخذ في حقه بناء للاعترافات التي أدلى بها. وأوضحت المصادر ان بارود وريفي تواصلا ليل أول من امس، مؤكدة ل «الحياة» أن الخلاف بينهما على صلاحيات المدير العام لقوى الأمن الداخلي لا يمكن ان يشكل عائقاً أمام توقيف كرم وملاحقته بتهمة التعامل. وقالت إن الإشكال التقني بهذا الخصوص لن يتحول الى خلاف في مسألة ملاحقة المشتبه فيهم بالتعامل مع إسرائيل وملاحقتهم. ولفتت المصادر التي واكبت المراسلات بين بارود وريفي في شأن البيان الذي رد فيه الأخير على عون، الى ان زعيم «التيار الوطني» لم يدخل في صلب توقيف العميد المتقاعد كرم وإنما تجاوزه الى شن حملة على فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بذريعة انه جهاز غير شرعي مكلف بإجراء التحقيق بخلاف قانون أصول المحاكمات الجزائية. وسألت المصادر: «لو افترضنا ان العميد كرم أوقف بصورة غير قانونية فهل يؤدي ذلك الى إسقاط ما أدلى به من اعترافات امام المحامين الموكلين الدفاع عنه لدى استجوابه من قبل قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا الذي أصدر مذكرة بتوقيفه؟». وأوضحت أنه «ليس في مقدور أحد التعمية على أي مسألة تتصل مباشرة بالتعامل مع إسرائيل أو تجاهل ما يدلي به هذا المتهم أو ذاك من اعترافات في حضور محاميهم»، موضحة أن اللواء ريفي أرسل نسخة من رده على عون إلى بارود قبل 24 ساعة من إصداره، وأنه اطلع عليه لكنه طلب التريث. وأشارت الى أن المدير العام لقوى الأمن الداخلي مارس صلاحياته بموجب المادة 17 من المرسوم 1157 الذي يتيح له التعاطي الإعلامي لتوضيح مسائل متصلة بسياق عمله، في مقابل تأكيد وزير الداخلية أنه لا يمكن للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وبموجب المادة 15 من قانون الموظفين إصدار أي تصريح إعلامي أو سياسي من دون العودة الى الوزير. ورأت المصادر عينها أن «الاعتبار الأمني وعلاقته بالتعامل مع إسرائيل لا يقلل من أهمية الحسابات السياسية على رغم ان مكافحة التعامل والتجسس لمصلحة إسرائيل يحظيان بإجماع لبناني ولا خلاف في شأنهما بين الوزير والمدير العام، وعلى رغم ان بعض الأطراف السياسية ما زالت ترفض التعليق على توقيف كرم». وكشفت المصادر أن عون أُعلم بواسطة الضابط المرافق له من فرع المعلومات بتوقيف كرم للاشتباه فيه بالتعامل مع إسرائيل وأنه اعترف بذلك. وأكدت ان توقيفه تم بناء لقانون أصول المحاكمات الجزائية بناء لإشارة من النيابة العامة التمييزية، وأن فرع المعلومات أودع ما اعترف به كرم في المراحل الأولى من التحقيق النيابة العامة العسكرية التي ادعت عليه وأحالته على القاضي أبو غيدا الذي أصدر مذكرة بتوقيفه. وتابعت: «كرم يحظى بعناية صحية خاصة من قبل فريق طبي يشرف عليه باستمرار، إضافة الى انه سُمح لزوجته وأفراد عائلته بزيارته في مكان توقيفه وكذلك لمحاميه». وأوضحت أن وكيل كرم المحامي رشاد سلامة ومعه اثنان من المحامين العاملين في مكتبه هما سندريلا مرهج والياس كعدي، حضروا اثناء التحقيق معه من قبل القاضي أبو غيدا، وأن كرم وقع على محضر الاستجواب على مرأى من محاميه، وان لدى عون نسخة عنه تسلمها من هذا المحامي. واعتبرت ان «من غير الجائز الهروب الى الإمام بدلاً من مواجهة الحقيقة بموقف مسؤول، خصوصاً ان ما يهم القضاء اللبناني جلاء الحقيقة ولا يتأثر بردود الفعل التي أوقعت البعض في إرباك تحت وطأة الصدمة التي أصابته جراء توقيف كرم ويحاول الآن تسليط الأضواء الى أمور شكلية تتعلق بقانونية توقيفه بدلاً من الأسباب التي أوجبت توجيه التهمة له». وفي هذا السياق، وفيما لوح النائب في «تكتل التغيير» إبراهيم كنعان بتوجيه سؤال الى الحكومة بخصوص توقيف كرم، شن زميله نبيل نقولا حملة عنيفة على اللواء ريفي وفرع المعلومات، سأل فيها «إذا كانا يتبعان سلطة وزارة الداخلية أم انهما مجموعة من «الزعران» مرخصة من قبل السياسيين؟». وقال نقولا: «مرة جديدة يظهر فرع المعلومات وعلى رأسه ريفي بعباءته الميليشياوية التي تخطت جميع الأعراف بعدم شرعيتها وباتت أعمالها بعيدة كل البعد من قوى الأمن التي من المفترض أن تحمي الناس بدلاً من اختطافهم وتشويه سمعتهم على غرار ما فعل مع العميد فايز كرم».