لنبدأ من الأسئلة الأكثر إلحاحاً. عند أي نقطة يقف النشر الإلكتروني الآن لجهة نوع المنتج، وطريقة التوزيع، وأجهزة القراءة، وطُرُق الإنتاج ومخاوف الناشرين الوهمية؟ لعل من المفيد التوصّل إلى إجابات لأسباب عدة، إذ إن الإجابات تسمح لدور النشر العربية بإجراء تقويم لأوضاعها، ووضع الخطوط العريضة لكل عربي يريد دخول هذا المجال، وإتاحة الفرصة للقارئ العربي كي يعرف كيف تسير الأمور فيه. وهناك مصادر متنوّعة للإجابات المنشودة. يتمثّل أولّها في ورشة العمل التي ألقاها خبير النشر الإلكتروني الألماني بيتر شميت Peter Schmid في آذار (مارس) 2014 في «المركز الثقافي الألماني» في القاهرة. ويستند الثاني إلى آراء جمعتها «الحياة» من ناشرين مصريين مهتمين بهذا المجال، خصوصاً شريف بكر مدير دار «العربي» القاهرية الذي قدّم بانوراما واسعة نقل فيها ملامح من دورات وورش العمل ومعارض وصولاً إلى معطيات سوق النشر الإلكتروني. ثمة نوعان سائدان من منتجات النشر الإلكتروني هما: النسخ المصورة على طريقة «بي دي إف» pdf، والنسخ بالملفات التفاعلية. وتتميّز ملفات النسخ المصوّرة بصفات تشمل دقة التصميم وجماله، والقرب من الكتاب الورقي لأنها صورة من الورقي بألوانه وخطوطه وسماته. يستفيد المجال الأكاديمي من ال «بي دي إف» بأشياء تشمل ذكر الصفحة والمؤلف، نظراً إلى أن الصفحات المُصوّرة رقميّاً لا تتغير مهما كان نوع الجهاز الذي تعرض عليه. وتؤمّن ملفّات ال «بي دي إف» سهولة القراءة على أجهزة متنوّعة كالحاسوب المنزلي والخليوي الذكي واللوح الرقمي وغيرها. ومن صفاتها أيضاً أنه سهلة الإنتاج ومنخفضة الكلفة. ويكفي البحث في برامج للكتابة على خيار «الحفظ»، ثم اختيار نوع الملف «بي دي إف»، للحصول على هذا النوع من الملفات. ومن المستطاع اعتبار صيغة الكتاب التفاعلي هي الأكثر تعبيراً عن معنى النشر الإلكتروني. وتتضمّن مزايا من بينها مرونة التصميم وسهولة الاستخدام، إضافة إلى القدرة على التحكّم بمعطيات الكتاب كلها لجهة التغيير والتبديل. ويتلاءم الكتاب التفاعلي مع معطيات الجمهور السائدة. ومثلاً، يستطيع القارئ أخذ جزء من الكتاب أو أكثر ومشاركته عبر الشبكات الاجتماعية، وهو ملمح يلبي حاجة ملحة للجمهور. وبالنسبة الى المُنتِج، يتميّز التفاعلي أيضاً بأنه يفسح المجال أمام التحكّم في كثير من عناصر الكتاب، كالعناوين والخطوط والجداول والصور وغيرها.