شهدت الحملة لانتخابات الرئاسة الأميركية مزيداً من التدني في مستوى الخطاب، وصل إلى حد مطالبة المرشح الجمهوري دونالد ترامب بإخضاع منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون لفحص «منشطات»، مكرراً تشكيكه بوضعها الصحي قبل المناظرة الثالثة بينهما بعد غد. واتهمت الحملة الانتخابية لكلينتون البليونير النيويوركي بمحاولة «زعزعة صدقية» الاقتراع، بعد تحذيره من احتمال «تزوير» النتائج. تزامن ذلك مع تسريب موقع «ويكيليكس» ثلاثة خطابات لكلينتون، ألقتها خلال مؤتمرات لمصرف «غولدمان ساكس»، تجنّبت فيها توجيه انتقادات مباشرة للمؤسسات الكبرى في «وول ستريت» لدى مناقشتها أسباب الأزمة المالية العالمية عام 2008 وسبل مواجهتها. وقبل نحو 3 أسابيع من الانتخابات المرتقبة في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، أظهر استطلاع للرأي أعدّته وكالة «رويترز» ومعهد «إبسوس»، أن فرص كلينتون في الحصول على الأصوات ال270 في المجمّع الانتخابي للفوز بالرئاسة، تتجاوز 95 في المئة وبفارق 118 صوتاً عن ترامب. وأشار الاستطلاع الى تأخّر ترامب عن كلينتون بنسبة هائلة بين النساء والأقليات العرقية. كما عكس استطلاع أعدّته صحيفة «وول ستريت جورنال» تقدّم كلينتون بفارق 11 نقطة على المستوى الوطني، فيما قلّص استطلاع أعدّته «واشنطن بوست» هذه النسبة الى 4 نقاط. ولمّح ترامب إلى أن كلينتون تستخدم «منشطات»، مقترحاً إخضاعها لفحص طبي قبل المناظرة الأخيرة بينهما في لاس فيغاس بعد غد. وقال: «لا أعرف ماذا يحدث لها. في بداية المناظرة الأخيرة، كانت نشطة جداً. وفي نهايتها بالكاد استطاعت الوصول إلى سيارتها. نحن مثل الرياضيين الذين يجب إخضاعهم لفحص في إطار مكافحة المنشطات، وأعتقد بأن علينا أن نفعل ذلك، حتى قبل المناظرة». وكان المرشح الجمهوري اتهم وسائل إعلام ب «الفساد»، وهاجم برنامج «ساتيرداي نايت لايف» الكوميدي، بعدما سخر منه بأداء للممثل أليك بولدوين. واعتبر ترامب أن البرنامج «ليس مضحكاً»، محذراً من تحيّز الإعلام، وزاد: «الانتخابات مزوّرة من وسائل إعلام فاسدة تركّز على مزاعم كاذبة تماماً وأكاذيب مشينة، لضمان انتخاب» كلينتون. وأشار بذلك إلى نشر وسائل إعلام كبرى، بينها صحيفة «نيويورك تايمز»، شهادات لنساء اتهمن ترامب بالتحرّش. ووصف المرشح الجمهوري تلك الشهادات بأنها «سخافات اختُرعت لسرقة الانتخابات»، وتابع: «لا أحد يكنّ احتراماً للنساء مثل الذي أكنّه لهنّ». ورأت حملة كلينتون في حديث ترامب عن «تزوير» الاقتراع «محاولة مشينة هدفها زعزعة صدقية الانتخابات قبل أسابيع من تنظيمها». وقال روبي موك، مدير حملة المرشحة الديموقراطية: «يجب تشجيع المشاركة في الحياة الديموقراطية، خصوصاً الانتخابات، بدل إضعافها وزعزعة صدقيتها لمجرد أن مرشحاً يخشى أن يُهزم». وسعى مايك بنس، مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس، إلى تخفيف حدة تصريحات الأخير، إذ أكد أن الثري النيويوركي «سيحترم نتائج الانتخابات وإرادة الشعب الأميركي»، مذكّراً بتقليد «الانتقال السلمي للسلطة» في الولاياتالمتحدة. لكن بنس برّر حديث ترامب عن «تزوير الانتخابات» ب «تحيّز» وسائل إعلام. ولم تتضمّن ثلاثة خطب ألقتها كلينتون خلال مؤتمرات لمصرف «غولدمان ساكس»، عام 2013 بعد تخلّيها عن وزارة الخارجية وقبل بدء حملتها الانتخابية، «قنابل» إعلامية تقوّض سعيها إلى دخول البيت الأبيض. لكن الخطب التي حصل عليها موقع «ويكيليكس» بعد قرصنة البريد الإلكتروني لجون بوديستا، رئيس الحملة الانتخابية لكلينتون، أشارت الى تجنّب المرشحة الديموقراطية انتقاد قطاع الأعمال في «وول ستريت»، بعد الأزمة المالية عام 2008. بل دعت هذا القطاع إلى «المساعدة» في تحديد أسباب ما حدث، وكيفية منع حصوله مجدداً، قائلة: «دعونا نتأكد من أننا نفعل ذلك بالطريقة الصحيحة هذه المرة». كما قارنت بين خبرتها وزيرة للخارجية، وقطاعَي المال والأعمال.