نشطت الاتصالات أمس من أجل معالجة الإشكال الذي نجم عن السجال الذي أخذ بعداً شخصياً بين الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله ورئيس الحكومة سعد الحريري والذي قالت مصادر سياسية محايدة ل «الحياة» إنه «إشكال كبير» لأنه نقل السجال الى ما بين السيد نصرالله ورئيس الحكومة بما يمثل، مباشرة، بعدما كانت الأمور تتجه الى تهدئة السجال على خلفية تداعيات اشتباكات برج أبي حيدر بين مسلحين من «حزب الله» وآخرين من جمعية «المشاريع الإسلامية» الأحباش قبل 12 يوما. وفيما ترددت أنباء بعد ظهر أمس أن اتصالاً أُجري بين القيادي في «حزب الله» مسؤول لجنة الارتباط والتنسيق وفيق صفا وبين أحد المقربين من الرئيس الحريري أبلغ فيه صفا أن «حزب الله» قرر عدم الرد على أي تصريحات وأنه أعطيت تعليمات الى قادة الحزب ونوابه بوقف السجال، وأن توجيهات مماثلة تلقاها قادة ونواب «تيار المستقبل»، أجرى رئيس الجمهورية ميشال سليمان اتصالاً بنظيره السوري الرئيس بشار الأسد «تم في خلاله التشاور في التطورات الراهنة على صعيد المنطقة وكذلك في أمور ثنائية تهم البلدين وتصب في خانة تعزيز العلاقات الثنائية». وقالت مصادر مطلعة إن الاتصال، المطوّل، تناول الكثير من القضايا بدءاً بتقويم انطلاق مفاوضات السلام بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية في واشنطن والوضع الإقليمي، خصوصاً أن الرئيس سليمان يعد ملفاته تمهيداً لزيارته المرتقبة لنيويورك في 20 الجاري حيث سيلقي كلمة لبنان في الجمعية العامة للأمم المتحدة ويلتقي عدداً من قادة الدول على هامشها. وأوضحت المصادر أن الاتصال تناول أيضاً الأوضاع اللبنانية الداخلية وتطوراتها من دون الدخول في تفاصيلها. وعلى الصعيد الداخلي، أجرى رئيس البرلمان نبيه بري ليل أول من أمس اتصالاً بالحريري تناول معه خلاله التأزم الذي طرأ على علاقته مع السيد نصرالله إثر كلام الأخير بعد ظهر أمس ورد الحريري عليه. وقالت مصادر مواكبة لتحرك بري إنه قرر بعد الاطلاع على خطابي كل منهما العمل على معالجة التوتر الذي نشأ. وكان الحريري بعث يوم الأحد الماضي لبري برسالة يشكو فيها من استمرار هجوم قيادة الحزب عليه في وقت هو يردد كل يوم الدعوة الى التهدئة ويشدد على أن ما طرح في شأن بيروت منزوعة السلاح لا يتعلق بالمقاومة بل هو لحمايتها. ونقل الرسالة النائب علي بزي الذي مثل بري في الإفطار الرسمي الذي أقامه الحريري في السراي الحكومية قبل أسبوع، وأبلغ خلاله بزي انزعاجه من عدم حضور أي من نواب أو وزراء «حزب الله» الذي تمت دعوتهم الى الإفطار وحضره الوزراء والنواب والقادة والسياسيون والرؤساء السابقون. وقالت مصادر سياسية واكبت الخلاف على تداعيات اشتباكات بيروت وقبلها نتيجة السجال الذي حصل على المحكمة الدولية ل «الحياة»، إن «الإشكال الجديد الذي أخذ طابعاً شخصياً وقع فيما كانت تُبذل جهود وتجرى اتصالات من أجل ترتيب اجتماع بين الحريري ونصرالله». وعلمت «الحياة» أن الحريري اعتبر ليل أول من أمس أن نصرالله تناوله «بالشخصي» حين قال عنه على رغم أنه لم يسمه «أنت وضعت على السكين ملحاً ووضعت سكينك في قلبنا وأخذت تحركها... ليس هكذا يتصرف رجال الدولة ولا رجال السياسة ولا قادة الأحزاب»، ما دفع الى الرد في كلمته في إفطار ليل اليوم نفسه بالقول: «لست أنا من يحمل سكيناً بل أحمل قلماً وأعطي كتاباً وأعلم أناساً وأنا ابن رفيق الحريري وهو رجل الدولة الأول». كما قال الحريري رداً على تناول قيادات من «حزب الله» منهم رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد زياراته منطقة الاشتباكات لتفقدها، بالقول: «أنا أذهب حيث أشاء ولا أحد يحدد لي أين أروح وأين أجيء». وعلمت «الحياة» أن الحريري أعقب كلمته باتصال أجراه مع رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط أبلغه فيه، «حتى لا تفاجأ بأني قلت كلاماً رددت فيه على ما قاله السيد نصرالله (في خطابه لمناسبة يوم القدس قبل ساعتين من الإفطار) فهو تناولني على الصعيد الشخصي وأنا لم أتناوله في أي مرة على الإطلاق على الصعيد الشخصي. وكان عدد من قادة الحزب تناولوني ولم أرد عليهم وهاجموني. أما أن يتحدث هو بهذا الشكل عني فلم يعد جائزاً أن أسكت لأنه كلام غير مقبول. هل ممنوع على الناس أن تقول آخ بعد أن تعرضت لما تعرضت إليه في برج أبي حيدر؟ وهم لا يستطيعون أن يعتبوا عليّ إذا زرت جامعاً في أحياء الاشتباكات فأنا لا أقبل أن أحدد لهم أين يذهبون ولا يذهبون. وإذا لم أزر أنا منطقة الاشتباكات فمن الذي يستوعب الذي حصل ويعمل على امتصاص النقمة؟». وقالت مصادر مطلعة إن جنبلاط تفهم انزعاج الحريري لكنه قال له: «أنت بادرت الى الدعوة الى التهدئة التي هي مصلحة لك وللجميع ولنعمل على التهدئة ووقف السجال». فأجابه الحريري: «أنا أدعو كما قلت للتهدئة منذ بداية شهر رمضان وكل خطبي تركز على الكلمة الطيبة وعلى أنه مهما اختلفنا سنجلس معاً، وهم لم يتوقفوا عن الهجوم عليّ». وكرر انزعاجه من تغيّب «حزب الله» عن إفطار السراي. وفهم أن الحريري أبدى انزعاجه مما اعتبرته أوساط في «تيار المستقبل» تصرفات «متعالية» من قيادة الحزب. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن جنبلاط أجرى اتصالاً ليل أول من أمس بقيادة الحزب، داعياً الى التهدئة ومتمنياً وقف السجال وأن اتصاله جرى مع صفا، وجاء بموازاة اتصالات أجراها الرئيس بري أيضاً بقيادة الحزب مقترحاً عليها خفض التوتر والتهدئة لأن المزيد من التصعيد يضر بالفريقين وبالبلد ككل. ورداً على سؤال عما إذا كانت جهود بري وجنبلاط تنصب على جمع الحريري ونصرالله، قالت المصادر إن الأمور في النهاية ستعالج بهذه الطريقة، لكن في انتظار ذلك لا بد من التهدئة. وعن احتمال عقد اجتماع بين الحريري وبين المعاون السياسي للسيد نصرالله حسين الخليل، قالت المصادر: «هذا وارد لكن ليس هناك من موعد على الجدول حتى الآن». إلا أن المصادر أكدت مراقبة ما تم التوصل إليه خلال اتصال صفا مع أحد المقربين من الحريري والذي أكد فيه صفا أن قادة الحزب لن يدلوا بتصريحات أو يدخلوا في أي سجال وأن قادة «المستقبل» سيتصرفون على هذا النحو هم أيضاً. ونقل زوار جنبلاط عنه قوله أمس إنه ليس وسيطاً بل يسعى من أجل التهدئة. وشدد على وجوب حماية مفاعيل القمة الثلاثية السعودية - السورية - اللبنانية التي ركزت على الاستقرار «إذ ليس شأناً عادياً أن يزور لبنان (قبل نيف وشهر) خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس بشار الأسد». وقال زوار جنبلاط إنه يدعو الى النظر الى الوضع الحرج الذي تشهده المنطقة «والذي يوجب على لبنان أن يتنبه الى خطر التوتر الذي تعيشه ويجب أن نتجنب أي انزلاقات تقودنا الى توتير الأوضاع، ولذلك يجب خفض التوتر الحاصل». وزار دمشق أمس وزير الأشغال والنقل غازي العريضي واجتمع الى مساعد نائب رئيس الجمهورية في سورية اللواء محمد ناصيف لبحث التطورات الإقليمية معه، إضافة الى المستجدات على الساحة اللبنانية. وأطلع العريضي لاحقاً جنبلاط على نتائج لقائه مع اللواء ناصيف.