ودعت جدة آلاف الأسماك التي نفقت على شواطئ كورنيشها أمس (الأربعاء) في منظر أدهش مرتادي الكورنيش بسبب انتشار الروائح الكريهة التي ملأت أجواء المدينة، خصوصاً منطقة الكورنيش، نظراً إلى ارتفاع عدد الأسماك النافقة. وسارعت ثلاث جهات حكومية في حينها ممثلة في أمانة جدة والهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة والثروة السمكية ووزارة الزراعة بتشكيل لجنة لمعرفة الأسباب، التي أدت إلى نفوق الأسماك بهذا العدد الكبير على شواطئ كورنيش جدة. في حين أشار مصدر مطلع في أمانة جدة في حديثه ل«الحياة» إلى أنه تم أخذ عينات من الأسماك النافقة وجار تحليها، مستبعداً أن تكون الأعمال التنموية التي تقوم بها الأمانة على كورنيش جدة سبباً في نفوق الأسماك. وأكد المتحدث الرسمي للهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني ل«الحياة» أن اللجنة المشكلة أخذت عينات من موقع نفوق الأسماك، سواء من مياه البحر لتحليلها أم من الأسماك ذاتها، بهدف التوصل إلى الأسباب الحقيقية التي أدت إلى نفوق هذه الأسماك. واستدرك بالقول: «إن المعاينة الأولية توضح أن الممر المائي أصبح شبه مغلق بسبب الأعمال التنموية التي تقوم بها أمانة المحافظة على الكورنيش»، لافتاً إلى أن ضيق المسافة يسهم في انخفاض معدل الأوكسجين في مياه البحر، إضافة إلى أن زيادة تركيز الأملاح يمكن أن يكون سبباً لنفوق الأسماك، لاسيما وأن الأسماك النافقة هي من نوع السلمون صغيرة الحجم. فيما أشار إلى أن نتائج التقرير ستوضح الأسباب الحقيقة لنفوق الأسماك. وحول مشكلة مصبات مياه الصرف الصحي في كورنيش جدة، قال القحطاني: «إن الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة عملت على تشكيل لجنة لمتابعة تلك المصبات وإغلاق المخالف منها على الكورنيش». ونوه إلى أن المشكلة الرئيسة التي تعاني منها مدينة جدة هي عدم وجود شبكة متكاملة من الصرف الصحي تغطي المدينة بكاملها، مبيناً أنه من المفترض ألا يلقى بمياه الصرف الصحي وإن كانت معالجة في البحر. في السياق ذاته، أكد الأستاذ المشارك بكلية علوم البحار بجامعة الملك عبدالعزيز والخبير البيئي الدكتور علي عشقى أن مدينة جدة تعد الأولى عالمياً في ارتفاع معدلات التلوث على شواطئها. وقال ل«الحياة»: «إن ظاهرة نفوق الأسماك على الشواطئ ظاهرة عالمية تعرف بالمد الأحمر، وتحدث نتيجة للتكاثر السريع للطحالب المجهرية التي لا تري بالعين المجردة، ويصل عددها أحياناً إلى أكثر من 6 ملايين خلية في اللتر الواحد، وهي تنقسم إلى قسمين، قسم يمتص الأوكسجين الموجود في الماء، وبالتالي لا تجد الأسماك الهواء فتموت بالاختناق، والقسم الثاني ينتج مواد سامة تقتل جميع الكائنات الحية بما فيها الحيتان». وأوضح عشقى أن السبب في تكاثر تلك الطحالب بشكل سريع هو وجود البيئة التي تتغذي عليها، وهي المواد العضوية الموجودة في مياه الصرف الصحي، خصوصاً أن هناك مشكلة تلوث كبيرة في شواطئ كورنيش جدة بسبب مصبات مياه الصرف الصحي التي أسهمت في تلوث مياه البحر بنسب مرتفعة.