كادت أكباد السعوديين تنفطر في الساعات الأولى من تداول خبر الجريمة المروعة في حي الشوقية في مكةالمكرمة التي نفذها شاب عمره 35 عاماً ضد اقربائه ليموت الاب وابنته، وتصاب الأم باصابات بليغة، قبل أن يقبض على الجاني أمس (الخميس) قبيل لحظات من محاولته الانتحار. وكان هاجس الجميع ألا تكون «جراثيم داعش» وراء الجريمة المروعة، مثلما كان الحال عليه في اكثر من خمسة جرائم هزت المجتمع السعودي وباقي العالم خلال العامين الماضيين. بيد ان النفوس هدأت سريعاً بعد أن تبين أن الشاب معتل نفسياً كما يبدو. وفيما اكد مغردون ووسائل إعلام أن القاتل يعمل معلما في إحدى مدارس مكةالمكرمة، وانه معتل نفسي، اصدرت الشرطة بياناً مقتضباً أكدت فيه وقوع الجريمة ومقتل الأب (70عاماً) والبنت (22 عاما)، واصابة الام، من دون الاشارة إلى طبيعة العلاقة الاجتماعية بين الجاني وضحاياه. وعاش السعوديون اياما لا تنسى مع مشاعر الالم والذهول بسبب مقتل ابرياء على يد اقربائهم المتلوثين بافكار «داعش»، بدأت بالشاب الذي قتل خاله، ثم شابين غدرا بابن عمهما، وأيضاً مذبحة حي الحمراء في رمضان الماضي في العاصمة الرياض، بعد مقتل ام واصابة الاب وابن لهما على يد ابنيهما الآخرين، وقبلها الغدر بالراحل بدر الرشيدي على يد ابناء خالته وآخرين من منتسبي التنظيم المتطرف. ولن ينسى السعوديون نداء الاستغاثة «تكفى يا سعد» في صباح يوم عيد الأضحى 1436 هجري، حينما غدر سعد العنزي يرافقه شقيقه المراهق عبد العزيز بابن عمهما مدوس العنزي بتقييد يدينه ورجليه واطلاق الرصاص عليه من سلاح رشاش أودى بحياته أمام الجميع، إذ سجلا تصويراً مرئياً لجريمتهما البشعة وسارعا إلى بثه على قنوات التواصل الاجتماعي، قبل ان يطاح بهما وهما لائذين بأودية وجبال محافظة حائل. وعلى عكس جريمة مكة التي وقعت مساء امس، شهد حادث مقتل مدوس العنزي والجرائم الأخرى لمقتل افراد غدراً على ايدي اقربائهم تداولاً قياسياً بين الناس، وتصدرت تفاصيلها قائمة الأكثر قراءة وتفاعل على شبكات التواصل الاجتماعي العامة، خصوصاً «تويتر». وكان ذلك يوم عيد الاضحى قبل الماضي الذي صادف نهاية شهر ايلول (سبتمبر) 2015، لكن ما الذي حدث قبلها باقل من شهرين»! كان عبد الله الرشيد مقيماً في كنف خاله العقيد راشد الصفيان لمدة حوالى اربعة اعوام، إلا أنه وفي آخر ايام شهر رمضان اقدم على قتل خاله، ثم سلب سيارته قبل أن يفجرها أمام نقطة تفتيش جوار سجن الحائر في العاصمة الرياض. وكانت جريمة مروعة بتفاصيلها وكيفية الغدر بالخال، وحال الأم والتضحيات الكبيرة التي قدمت له قبل ان يقع فريسة الفكر الارهابي المتوحش. قبل ذلك بعشرة أعوام لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي العامة موجودة، فذهبت جريمة مقتل اللواء ناصر العثمان في طي النسيان، على رغم انها كانت جريمة بشعة عندما قام ابن اخته ايضاً بمعاونة احد منسوبي تنظيم «القاعدة» بقتل اللواء العثمان في مزرعته، وذلك بحز رأسه ووضعه فوق بطنه بعد فصله عن الجسد. ومع تعدد جرائم داعش والمتطرفين، يلاحظ انهم يختارون اوقاتاً تتزامن مع شهر رمضان أو الاعياد. وهي الايام الاكثر قدسية لدى المسلمين عموماً وتسود خلالها مشاعر التسامح والعفو ومضاعفة البذل والعطاء والكرم لدى السعوديين، كما جرت العادة. لكن فرصة الغدر ب «بدر الرشيدي» لم تسنح للجناة من اقرباءه بتحديد موعد الجريمة المروعة، فاضطروا إلى تنفيذها بأسلوب متجرد من كل المعاني الانسانية على طريق سريع (القصيم - الرياض)، ويسجلون المشهد ويبثونه عاجلا على شبكات التواصل. اما حي الحمراء شرق العاصمة، فشهد جريمة مروعة في يوم 19 رمضان الماضي، إذ اقدم توأمان على قتل أمهما طعناً بعد ان استدرجاها إلى مخزن المنزل لتلفظ الام انفاسها، ثم لحق التوأمين خالد وصالح بابيهما (73 عاماً) وقاما بطعنه ثم لحقا شقيقهما سليمان (22 عاما) وتمكنا منه. لكن الاب وسليمان نجيا من الموت ولم ينجوا من غرف العناية المركزة.