عد الشاعر، الدكتور أحمد قران الزهراني النصوص التي كتب الشاعر محمد يعقوب عناوينها باللغة الإنكليزية انسلاخاً من الهوية، إلا أنه أيضاً اعتبر ديوان «ليس يعنيني كثيراً»، للشاعر يعقوب، متجاوزاً تجربة الشاعر التي حملتها ثلاثة دواوين، «وإن كانت لا تنتقص منها لأنها تجربة تراكمية لو لم يخلص لها لما وصل إلى هذه التجربة الشعرية الناضجة في هذا الديوان الشعري المصفى». وقال الزهراني في أمسية نظمها منتدى عبقر أول من أمس، في نادي جدة الأدبي، إن لغة الديوان، الذي فاز بجائزة محمد الثبتي للإبداع عن فرع الديوان، شفافة «وصوره مبتكرة، وتوظيف للهامشي من اللغة في بناء النص، إذ يعيد تركيب اللغة في غير موضعها السابق ويحيلها إلى لغة حديثة بحسب مضمون النص واتجاهاته، متنقلاً من خلاله إلى التجربة الشكلية الحديثة المتمثلة بقصيدة التفعيلة وسرديتها وبصورة شعرية مغايرة»، موضحاً أن الشاعر في هاتين التجربتين الشكليتين «لا يرتكن إلى المسمى لهذا الشكل أو ذاك بقدر ما يرتكن إلى شعرية اللغة والأسلوب الفني المرتبط بالمضمون، ولغته تتكئ على قاموس شعري ناضج، يعرف الشاعر كيف يوظف مفردته وتغيير بنيتها في الجملة الشعرية». وتطرق صاحب ديوان «لا تجرح الماء» إلى حضور المرأة، مشيراً إلى أنه واضح وجلي في الديوان، «كما أن مفردات أخرى كانت حاضرة بتعددية في البناء الشعري، مثل: الماء، والبنفسج، والحمى، والغربة، والحقائب، والمساء، والليل، والسفر. وهي دلالات على حال التشتت الروحي للشاعر، بخاصة إذا ما قرنا ذلك بتشتت وفوضوية عنوان الديوان أو حتى العناوين النصوص الداخلية، مثل: أسئلة المراهن باسمه، والأغاني لا تخون، ولا أمر على اسمها، وهي فوضوية فنية تشي بإدراك الشاعر الواقع المعاش المتشح بالفوضى والتشتت». ويرى الزهراني أن ما يميز الجيل الذي ينتمي إليه محمد يعقوب «أنه ومن خلال تجاربه الأخيرة ابتعد عن الإيديولوجيا بكل أشكالها بالشكل المباشر الذي مارسوه في بدايات تشكلهم الشعري، إذ اعتاض عن ذلك برمزية شفيفة لا تهمل القضايا الكبرى لكنها لا تتناولها بشكل خطابي عاطفي ومكشوف، ما يضعف من شعرية النص»، لافتاً إلى أنه وجد أن عناوين بعض القصائد تستوجب الملاحظة «كونها جاءت باللغة الإنكليزية من دون أن أعرف سبباً لذلك أو هدفاً محدداً لتسمية نص شعري عربي بلغة غير العربية»، تسائلاً: «هل هي إشارة للسلام، والامتزاج مع الآخر؟ مع رفضنا الضمني لمثل تلك العناوين التي في الحقيقة تمثل انسلاخاً من الهوية؛ إذ اللغة العربية بقداستها تمثل هوية يعد التساهل بها انفكاكاً عن بنود الحفاظ على كينونتها وأصولها، ما يؤثر سلباً في الأجيال المقبلة فيعدون لكتابة قصائد كاملة بلغات عدة ظناً منهم أن ذلك من التلاقح الفكري والتصالح مع الآخر، ولعل الشاعر يكشف لنا سرّ استخدامه اللغة الإنكليزية في بعض عناوين النصوص، لن أزيد على هذا إلا أن أقول إن ديوان «ليس يعنيني كثيراً» من أصفى وأنقى الدواوين الشعرية التي قرأتها خلال السنوات الأخيرة». وفي الأمسية قرأ الشاعر محمد يعقوب عدداً من نصوصه الشعرية، على الحضور الذين تقدمهم الدكتور عبدالمحسن القحطاني ورئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبدالله السلمي، ومنها: قميص لأوراق بيضاء، والباب الخلفي للرخام، وتراث الحب وغيرها من النصوص. إلى ذلك، تزامن مع أمسية عبقر إحياء المعرض التشكيلي «حكاية حياة»، الذي نظمته جمعية الثقافة والفنون، واحوى نح أربعين لوحة، قدمتها الفنانة التشكيلية أريج عبدالله محمد، وجاء برعاية الفنان التشكيلي طه صبان. وعبر عدد من المثقفين عن إعجابهما بهاتين المناسبتين وبتزامنهما، وعدوها إسهاما في حراك ثقافي متنوع من مؤسستين ثقافيتين معروفتين.