يسعى «دويتشه بنك» إلى التوصّل لتسوية مع السلطات الأميركية قبل الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل في الولاياتالمتحدة، في قضية تطالب فيها واشنطن بغرامة تصل قيمتها إلى 14 بليون دولار، بسبب اتهامات للبنك بالتضليل في بيع أوراق مالية مدعومة برهون عقارية. وانتقد وزير الاقتصاد الألماني سيغمار غابريال، السياسات «غير المسؤولة» للمشرفين على مصرف «دويتشه بنك»، الذي يعاني من صعوبات مالية خطيرة ستفرض عليه إلغاء آلاف الوظائف، ويعمل فيه نحو مئة ألف شخص. وقال أمام صحافيين على متن طائرة متّجهة إلى إيران، في زيارة برفقة وفد من رجال الأعمال: «لا أعلم إذا كان علينا البكاء أو الضحك لرؤية مصرف جعل من المضاربة نموذجاً للأعمال، ويطرح نفسه اليوم ضحية لذلك». وذلك رداً على تصريحات رئيس المصرف جون كرايان، بأن «المضاربة وراء تراجع أسعار أسهم المصرف في الأسواق المالية». وأوضح غابريال الذي يرأس الحزب الاشتراكي الديموقراطي العضو في الائتلاف الحاكم، أن «ما سيحصل هو أن آلاف الأشخاص سيخسرون وظائفهم، وعليهم الآن دفع ثمن جنون أشخاص غير مسؤولين في مواقع قيادية». وكان المصرف قرر إطلاق عملية إعادة هيكلة على نطاق واسع، بعد خسارته 7 بلايين يورو عام 2015، ما يعني إغلاق نحو مئتي فرع في ألمانيا بحلول عام 2020، وإلغاء نحو تسعة آلاف وظيفة على المستوى العالمي. وخسر سهم المصرف الألماني أكثر من 40 في المئة من قيمته منذ مطلع السنة. لكن أسهمه ارتفعت مجدداً الجمعة الماضي، بعدما صرح مصدر بأن البنك الذي يعد الأكبر في ألمانيا، يقترب من التوصل إلى اتفاق مع مسؤولين أميركيين لخفض قيمة الغرامة المفروضة عليه. ولم تُتداول أسهم «دويتشه بنك» في ألمانيا أمس، بسبب عطلة عامة، لكن استُؤنف تداولها في السوق الأميركية. وكان السهم ارتفع 6 في المئة بدعم من تقرير إعلامي نشر مساء الجمعة الماضي، عن اقتراب «دويتشه بنك» ووزارة العدل الأميركية من الاتفاق على تسوية قيمتها 5.4 بليون دولار. وأفادت «وول ستريت جورنال»، بأن محادثات البنك مع وزارة العدل الأميركية «مستمرة». ونقلت عن مصادر مطلعة، أن التفاصيل «تتغير باستمرار، ولم يُقدم بعد اتفاق لصناع القرارات في الجانبين للموافقة عليه». وأشارت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، الى أن توصل «المصرف الى تسوية القضية بمبلغ 3.1 بليون دولار سينعكس إيجاباً على حاملي السندات». لكن إذا وصلت قيمة الغرامة إلى 5.7 بليون دولار، فهي «ستقوض ربحية العام الحالي، لكنها لن تؤثر كثيراً في الوضع الرأسمالي للبنك». وعلى رغم أن «دويتشه بنك» أصغر حجماً بكثير عن منافسيه في «وول ستريت»، مثل «جيه بي مورغان» و«سيتي غروب»، إلا أنه يتمتع بعلاقات مهمة في مجال التداول مع الشركات المالية الكبرى في العالم. ووصفه صندوق النقد الدولي بأنه «يمثل خطراً محتملاً على النظام المالي الكلي أكبر مما يشكله أي بنك عالمي آخر». ومن المقرر أن يزور الرئيس التنفيذي للبنك الألماني جون كرايان، واشنطن هذا الأسبوع، لحضور الاجتماع السنوي لصندوق النقد والبنك الدولي. وتبلغ القيمة السوقية للمصرف الألماني 15.9 بليون يورو (17.9 بليون دولار)، ومن ثم سيكون عليه جمع أموال جديدة لتسديد المبلغ الذي تطالب به وزارة العدل الأميركية بالكامل. ونفى «دويتشه بنك» وبرلين هذا الأسبوع، تقارير عن أن الحكومة تعد خطة لإنقاذ المصرف.