ما أن يسترد الصحافيون أنفاسهم بعد حوار مع فنانة ارتدت الحجاب، حتى يهبّوا من أماكنهم مسرعين فزعين، كي يسجلوا حواراً آخر مع فنانة أخرى خلعت الحجاب. ما هذه الأزمة التي تفتعلها من ترتدي الحجاب من نجمات الفن؟ فهذه كانت ترى في الفن رسالة عظيمة، ثم ما لبثت أن حُرمت الفن وأمواله بعد أن ارتدت الحجاب، وما هي سوى لحظات حتى تعود الى الفن من جديد رافعة راية الدعوة والإرشاد. وتلك أخرى تعلن اعتزالها عن أعمالها. فما بالهن يربطن كل شيء بارتداء الحجاب؟ ولماذا هذه الضجة الإعلامية كلما ارتدت إحداهن الحجاب؟ ألم تكن إحداهن تصلّي أو تصوم؟ هل الصلاة أو الصيام أو الزكاة أو الحج تبيح الفن والحجاب يحرمه؟ ألم تكن إحداهن مسلمة؟ ولماذا يختصرن الإسلام في الحجاب؟ دائماً يربطن الخير بارتداء الحجاب. فهل فكرت فنانة منهن بعقد مؤتمر صحافي تعلن فيه أنها تصوم رمضان أو ستحج الى البيت الحرام؟ لكنها الأضواء. فمن تعوّد الحياة تحت الشمس تصعب عليه الحياة في الظل، حتى وإن أحرقه لهيبها! تستعر النار بين المحجبات المعتزلات أو العائدات وبين الفنانات غير المحجبات، تبريرات لا حد لها يبثها الطرفان، وهجوم وصد وردّ واتهامات باطنها القذف والسب، وظاهرها النصح والاستهجان، حرب لا تتوقف واستفزاز لا ينتهي، وكأن كل طرف يعتنق إسلاماً غير الإسلام الذي يعتنقه الآخر، وكأن في الإسلام قوانين تخص المحجبات وأخرى لغير المحجبات. ومن دون سابق إنذار تتحول الفنانة التي ارتدت الحجاب بعد أفلام الدلع ومشاهد القبلات الحارة... إلى أفلام ومسلسلات روحانية ملائكية، ومن مشاهد الرقص الخليع إلى مشاهد مكللة بنور الهداية. الرأفة يا سيدتي بقلوب الجمهور، دعيه ينسى أو حتى يتناسى. أنا لست ضدهن ولكنني أعجب من الصخب الإعلامي ومن التعليقات غير المقنعة، وأعجب من دور الملاك الطاهر الذي تتقمصه مرتديات الحجاب. يا سيدتي إنني أعرف محجبات كثيرات، فأنا وأختي وجارتي و... و... كلنا محجبات، لكننا لم نتحول الى داعيات ولم ندّعي أننا أنبياء وأننا سنخلّص الناس ونهديهم سواء السبيل، فكل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين هم التوّابون. فكيف تتقمصن أدواراً تناقض العقل والمنطق والدين؟ أم أن خلف الستار ستاراً؟