عبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن إحباطه لأن جهوده الديبلوماسية لإنهاء النزاع في سورية لم يتم دعمها بعمل عسكري تشنه الولاياتالمتحدة، وذلك وفقاً لمحتوى تسجيل نشرته صحيفة «نيويورك تايمز». وفي هذا التسجيل الذي يعود تاريخه إلى الأسبوع الماضي، قال كيري أمام منظمة مؤلفة من مدنيين سوريين، أن دعوته إلى التحرك العسكري ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد لم تلقَ آذاناً صاغية. وأوضح كيري: «دافعت عن استخدام القوة (...) لكن الأمور تطورت في شكل مختلف». ولم ينفِ الناطق باسم الخارجية الأميركية جون كيربي صحة التسجيل الذي حصل في نيويورك خلال اجتماع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال كيربي: «لا يريد كيري التعليق على هذه المحادثة الخاصة، وقال أن الفرصة كانت سانحة له للقاء هذه المنظمة (التابعة) لسوريين والاستماع إلى ما يقلقهم والتعبير لهم عن هدفنا المستمر (المتمثل) بوضع حد لهذه الحرب الأهلية». وحاول كيري دفع أوباما إلى اتخاذ إجراءات أقوى في سورية، دعماً للجهود الديبلوماسية الدولية وبهدف دفع الأسد إلى إنهاء الحرب الأهلية الدموية. لكن وزير الخارجية الأميركي كان على الدوام متنبهاً إلى ضرورة إظهار موقف موحد مع البيت الأبيض، خصوصاً في إطار جهوده مع موسكو لإيجاد مساحة للحوار السياسي. في آب (أغسطس) 2013، وبعد توجيه اتهامات إلى الأسد باستخدام أسلحة كيماوية ضد المدنيين، استخدم كيري خطاباً هجومياً أوحى بأن الولاياتالمتحدة قد تلجأ إلى رد عسكري، لكن أوباما عدل عن ذلك بعد ساعات. ويشير كيري في التسجيل الذي نشرت محتواه الصحيفة إلى اعتماده ذلك الخطاب الهجومي، لكنه يحمّل الكونغرس مسؤولية رفض استخدام القوة ضد الأسد. وعبّر المدنيون السوريون المؤيدون للثورة ضد الأسد خلال اجتماعهم مع كيري عن خيبة أملهم لرؤية أن الجهود الأميركية في سورية تستهدف مكافحة تنظيم «داعش» لا الأسد وحلفائه. وواجهت روسيا اتهامات في مجلس الأمن بأنها شاركت في قصف حلب. وتدهورت في شكل ملحوظ العلاقات بين الأميركيين والروس الذين يتبادلون الاتهامات بفشل الهدنة في حلب. وقال كيري للمدنيين السوريين: «نحن نحاول مواصلة (الخطوات) الديبلوماسية، وأتفهم أن يكون ذلك محبطاً. ليس هناك أحد محبط أكثر منا». ولليوم الثالث على التوالي، تحدث كيري هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الذي لم يعلن ما إذا كان القصف على حلب سيتوقف. وكان كيري أعلن الخميس أن بلاده توشك على تجميد محادثاتها مع روسيا في شأن تسوية النزاع السوري. لكن الناطق باسم الخارجية الأميركية مارك تونر استخدم عبارة طبية في شكل مجازي الجمعة لإعلان أن المفاوضات لم تتوقف بالكامل بعد. وقال تونر أن المحادثات «في العناية المركزة لكن القلب لم يتوقف بعد». ورداً على سؤال خلال مؤتمر صحافي عن غارات الطيران الروسي والسوري على الأحياء الشرقية لحلب، اعتبر تونر أن «هذا وحشي ورهيب، إنه انتهاك واضح للمعايير الدولية والقانون الدولي الإنساني». وعلى غرار ما فعل كيري الخميس، أقر تونر بأن على واشنطن أن تسأل نفسها «في وقت من الأوقات ما إذا كان من العبث مواصلة الاعتقاد ب (وجود) آلية ديبلوماسية» مع موسكو. وأكد تونر أن إدارة الرئيس الأميركي تدرس «بدائل أخرى» لسورية، من دون أن يحددها. وأضاف أن «الكثير من بين (تلك الخيارات) يعتبر غير جيد، لذلك قبل إغلاق الباب بالكامل، نريد أن نكون متأكدين من فهم ما يحصل وأن (...) روسيا تفهم ما يحدث». ومنذ بدء الحرب في سورية، رفض اوباما الذي يترك منصبه في 20 كانون الثاني (يناير) 2017، أي تدخل عسكري للولايات المتحدة، واختار بدلاً من ذلك شن غارات جوية في إطار التحالف الدولي، وأوكل إلى كيري مهمة إيجاد حل ديبلوماسي للنزاع مع روسيا. واتهم وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر روسيا بأنها لا تمارس على السلطات السورية ما يكفي من الضغط للتسوية السياسية للنزاع. وقال كارتر في مؤتمر صحافي بعد لقاء نظرائه من دول آسيان: «قالوا (الروس) أنهم أتوا (إلى سورية) للمشاركة في إيجاد حل سياسي للحرب الأهلية، لكنهم لا يفعلون هذا». ووفق كارتر، فإن كيري يحاول استمالة روسيا لكي «تستخدم تأثيرها في نظام الأسد بهدف التوصل إلى حل سياسي»، لكن هذه المحاولات «لم تنجح حتى الآن». وأكد كارتر مجدداً أن لا حل عسكرياً للنزاع السوري ولا بد من إنهائه بالطرق السياسية.