أكد رئيس اللجنة العربية لحقوق الإنسان الدكتور هادي اليامي أن قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب» الأميركي المعروف ب«جاستا»، سيفتح أبواب الجحيم في مواجهة الولاياتالمتحدة، إذا جاز التعبير، فالقاعدة التي تقول إن التعامل بالمثل، تعني أن بمقدور الدول الأخرى أن ترفع دعاوى قضائية في المحاكم الأميركية على مسؤولين أميركيين لا يزال غالبيتهم يتولون مناصب حكومية ودستورية، بتهم ارتكاب أعمال ضد الإنسانية. وقال اليامي ل«الحياة»، إن الأعمال التي ارتكبها الأميركيون يصنف بعضها ضمن الجرائم الموجهة ضد الإنسانية، فالقرار الذي يعني ببساطة رفع حصانة الدول ومسؤوليها، لن يستثني المسؤولين الأميركيين، ولا سيما في العراق وفيتنام، وما فظائع سجن أبو غريب ببعيدة، ويتيح القانون لفيتنام الاقتصاص من الجنود الأميركيين، وربما يصل الأمر بعائلات مئات الآلاف من اليابانيين إلى مقاضاة أميركا، التي أسقطت عليهم قنبلتين نوويتين في آب (أغسطس) 1945 إلى رفع دعاوى تعويض ضخمة. وأضاف: «أنه وفق الوصف الذي أطلقه مشرعون أميركيون، فإن مشروع القانون يعني ببساطة، فتح «صندوق باندورا»، الذي تقول الأساطير الإغريقية القديمة، إنه صندوق يتضمن كل شرور البشرية، من جشع، وغرور، وافتراء، وكذب، وحسد». وأشار إلى أنه من العلامات الأخرى لوهن القانون وضعفه، ما أعلنه في وقت سابق رئيسا لجنة التحقيق الأميركية الرسمية بشأن الهجمات توم كين ولي هاملتون، من عدم وجود ما يثبت تورط المملكة في تلك الهجمات، وهو تقرير رسمي حكومي، نشرت نتائجه على الملأ، على رغم ما قيل في وقت سابق عن وجود 28 صفحة تم حجبها من التقرير، بذريعة «احتوائها على معلومات سرية تمس بالأمن القومي الأميركي». وتابع: «وهنا نستحضر سؤالاً بديهياً، متى كان القانون يتعامل بالأدلة السرية، وكيف يحكم قاضٍ في قضية، حُجبت عنه بعض حيثياتها وتفاصيلها؟». وقال رئيس اللجنة العربية لحقوق الإنسان: «حتى إذا سلمنا جدلاً، بأن بعض عائلات ضحايا الأحداث رفعت دعاوى ضد المملكة، فمن الذي يفتي بأن القضاء الأميركي سيقبل بها أو يحكم بعدالتها؟»، مشدداً على أن ما يستدعي تسليط الضوء عليه، ووضعه في دائرة البحث هو غياب الصوت المدافع عن المملكة في الخارج، وتحديداً في دول الغرب والدول الكبرى، في ظل تزايد النظرة السلبية لنا، وارتفاع بعض الأصوات التي لا تريد غير إدانتنا ونسبة كل الشرور لنا، ونظرة بسيطة إلى حيثيات ما حدث داخل مجلس الشيوخ تؤكد صواب ما نقوله، إذ صوَّت المجلس بالإجماع لمصلحة تمرير القرار. وتساءل اليامي، لماذا نفشل في الدفاع عن حقنا في حين ينجح الآخرون في تبرير باطلهم؟، ولماذا نعجز عن إظهار صورتنا المشرقة، بينما يتمكن غيرنا من تبرير سوادهم ومظالمهم؟، لماذا يخفت صوتنا ولا يكاد يبين، في الوقت الذي يرتفع عوائهم وضجيجهم الفارغ من كل مضمون؟. وبين أن المملكة من أكثر الدول إسهاماً في المجالات الإنسانية، باعتراف الأممالمتحدة، وبلغة الأرقام التي أعلن عنها وزير الخارجية عادل الجبير منذ أيام في تركيا، حين أعلن أن المملكة بذلت خلال العقود الأربعة الماضية نحو 110 بلايين ريال، كمساعدات إنسانية كثالث بلد في العالم لناحية البذل والعطاء للإنسانية جمعاء من دون تمييز أو تفرقة، وباتت المملكة أكثر الدول نجاحاً في محاربة الإرهاب الذي يصدِّره بعض الذين يسعى الغرب لكسب ودهم. ونوه إلى أن المملكة تدعم استقرار الاقتصاد العالمي، في الوقت الذي بإمكاننا البحث عن مصالحنا، وإحداث هزة في العالم، عبر رفع أسعار النفط، إذ تعد المملكة من الدول القليلة التي تتميز بالسياسة المتزنة، التي لا تعرف المهاترات، ما جعلها تحتل مكانة مرموقة، على مستوى محيطها الإقليمي والدولي. وأشار إلى أن السعودية تملك من الإيجابيات ما لا تكفي آلاف الصفحات لتبيانه، ولكن ألا يكفي كل هذا، كي يكون لنا صوت عالٍ مسموع. وذكر اليامي، بأنه لا يريد تعليق الإخفاقات على مشجب الاستهداف، ونسبها للآخرين، لكن من لا يملك القدرة على إظهار وجهه المشرق، وتأكيد عدالة قضيته، لا يستطيع توجيه اللوم للآخرين إذا ما نسبوا إليه الأكاذيب، وسعوا إلى تشويه صورته، ولأننا قوم تعلمنا ألا نأكل إلا بأيدينا، وألا ننتظر من الآخر التفضل علينا، ينبغي أن نبادر إلى تقديم أنفسنا بالصورة المثلى، وأن نبذل مزيداً من الاهتمام للتعريف بدولتنا ومجتمعنا وعدالة قضايانا. وركز رئيس اللجنة العربية لحقوق الإنسان على مخاطبة الآخر بلغته، واستخدام أدواته، فالإعلام دبلوماسية شعبية، تملك من التأثير ما لا تملكه بعض القيادات التنفيذية، وله سلطة على صُنَّاع القرار في الدول الغربية، بإمكاننا الوصول إلى الهدف، بقليل من التنسيق، وتوحيد الجهود، ورص الصفوف، وأن نضع استراتيجية واضحة لتحقيق ذلك، فلا تنقصنا الكفاءات الإعلامية البارزة، ولا يعوزنا المال لتحقيق هذا الهدف. السماعيل: القانون سيلهم البريطانيين لمقاضاة من ورطهم في حرب العراق قال المتخصص في الاستشارات الأمنية والعلاقات العامة محمد السماعيل: «إنه ربما يكون هذا التقرير الملهم لذوي المتوفين البريطانيين في حرب العراق، يساعدهم على مقاضاة الأميركيين الذين ورطوهم في الحرب على العراق، إذ سيلهم ذوي المتوفين من العراقيين، والأفغانيين، والفيتناميين، واليابانيين من جراء حروب أميركا المتعددة خلال العقود الماضية». وأضاف: «يمكن الاستفادة من التقرير الذي نشرته صحيفة (ديلي ستار سن دي) في 12 أيلول (سبتمبر) من العام الحالي، بعنوان فلاديمير بوتين لديه صور من الأقمار الاصطناعية عن أحداث ال11 من سبتمبر، من الممكن أن تدين الحكومة الأميركية، مع الاستفادة من كل التقارير المماثلة التي تشكك في الروايات والحجج الأميركية الرسمية. وأشار إلى أن الأميركيين سيتذوقون مرارة هذا القانون، ثم يتراجعون عنه، إذ يخل القانون بالمبادئ الدولية المتعلقة بالحصانة السيادية، وتكون مداواتهم بالتي كانت هي الداء، وهذا هو مربط الفرس، أو كما قال شاعرنا العربي: «دع عنك لومي فإن اللوم إغراءُ ... وداوني بالتي كانت هي الداءُ».