الأمريكيون، بدءاً من الذين يديرونهم من البيت الأبيض، إلى مشرعيهم وصولاً إلى جنودهم المنتشرين في مناطق مختلفة من العالم، يعتبرون أنفسهم حكام العالم أجمع؛ يديرون شؤون العالم دون إذنٍ من أحد، في كل ممارساتهم يعتبرون ساستهم وجنودهم فوق الجميع وأنهم محصنون من أي قوانين غير أمريكية، يرتكبون الفظائع، يخوضون الحروب، يتسببون في إزهاق أرواح الملايين، ومع هذا يمنحون أنفسهم حصانة تعفيهم من المحاسبة القانونية والأخلاقية والأدبية والسياسية. الآن يضيف المشرعون الأمريكيون فصلاً جديداً لفصول غطرستهم واستكبارهم، بعد إقرارهم تشريعاً غريباً أسموه «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب» والهدف هو ابتزاز الدول الأخرى وبالذات الدول العربية التي في مجملها حلفاء لأمريكا، ومع هذا فإنهم أكثر الدول تعرضاً لإرهاب أمريكا؛ إذ يفوق قتلى إرهاب أمريكا من العرب المسلمين قتلى فيتنام وكوريا واليابان، فالحروب الإرهابية العدوانية التي شنتها أمريكا على العراقوأفغانستان وليبيا وحتى تحريضها على الفتن في مصر ومشاركتها في الاحتلال والعدوان على الفلسطينيين ومساعدتها للكيان الإسرائيلي جميعها تستوجب تطبيق العدالة على الأمريكيين الذين يعتبرون عملياً أكبر رعاة للإرهاب. مشروع القانون الذي أقره الكونغرس الأمريكي لابتزاز الدول العربية والإسلامية والموجة أساساً ضد المملكة العربية السعودية سيفتح باب الدعاوى الدولية ضد أمريكا من مختلف الدول والشعوب التي تضررت من إرهاب الإدارات الأمريكية، وسيفتح المجال أمام الناشطين الحقوقيين لمقاضاة الإدارات الأمريكية، بدءاً من جريمة إلقاء القنبلتين النوويتين على اليابان، وشن الحرب على كوريا ثم فيتنام وأخيراً على العراقوأفغانستان. ملايين الأبرياء الذين أزهقت أرواحهم نتيجة تواصل عدوان أمريكا على الشعوب، وحروب أمريكا ثابتة وموثقة فجيوشهم قتلت الأبرياء في اليابان وكوريا وفيتناموالعراقوأفغانستان وباكستان وتسببت في صنع الفوضى في العديد من الدول بتبنيها نهج الفوضى الخلاقة التي أشعلت الفتن في العديد من الدول العربية. قانون الكونغرس الأمريكي قد يمهد لمقاضاة دول عربية لديها العديد من الوثائق التي تدحض مزاعم واتهامات المبتزين، ولكن كيف يتسنى لأمريكا الدفاع عن إرهابها وحروبها العدوانية ومنها العدوان على العراق واحتلاله وتسببها في تدمير العراق وإشعال الإرهاب في المنطقة العربية، ففي العراق وحده قتل أكثر من مليون عراقي وتسبب الإرهاب في مقتل مثلهم، مع أن مشهد العدوان على العراق لم يكن موافقاً عليه من الأسرة الدولية ولم تؤخذ موافقة الأممالمتحدة عليه، رغم كل ما قدمته إدارة الرئيس بوش الصغير من معلومات مزورة وكاذبة، كما أن العدوان على أفغانستان تم بطرق ملتوية وغير قانونية. وإذا سكت الكوريون واليابانيونوالفيتناميون عن مقاضاة أمريكا فإن هناك الآلاف من الناشطين الحقوقيين من أصحاب الحق في العراقوأفغانستان وحتى في مصر وليبيا يتهيئون لرفع دعاوى على أمريكا بعد أن فتح تشريع الكونغرس الأمريكي نافذة لهم لمحاكمة هؤلاء المستكبرين بنصوص قانونهم، فضلاً عن إحاطة كل الأمريكيين جنوداً وشركات بشكوك ومحاصرتهم بقوانين البلدان التي كانوا وما زالوا يعبثون بها.