بعد النكسات الانتخابية التي لحقت بها أخيراً بسبب مسألة الهجرة، تلتقي المستشارة الألمانية أنغيلا مركل اليوم (السبت) في فيينا دول «طريق البلقان» التي تسعى إلى تحرك ضمن التكتل الأوروبي. ونظم المستشار «الاشتراكي الديموقراطي» النمسوي كريستيان كيرن الاجتماع الذي يحضره رؤساء الحكومات أو ممثلين من عشر دول أخرى والاتحاد الأوروبي. وفي كثير من هذه الدول، يشغل استقبال اللاجئين وطالبي اللجوء حيزاً مهماً في النقاش الوطني. وأقرت مركل أخيراً بأنها ارتكبت خطأ في سياسة الهجرة في أعقاب اثنتين من النكسات الانتخابية التي كبدها إياها اليمين الشعبوي. ويشارك أيضاً رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، أحد منتقدي سياسة الاستقبال التي تجسدها المستشارة والآلية الأوروبية لإعادة توطين اللاجئين والتي ينظم استفتاء حولها في الثاني من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. وتعهدت مركل أخيراً القيام بكل ما يلزم لتجنب فوضى جديدة مماثلة لما حدث خريف العام 2015 عندما «فقدت السيطرة» على الحدود بشكل جزئي. ويُتوقع أن يطالب رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس في فيينا بمزيد من التضامن مع بلاده التي تستقبل 60 ألفاً من طالبي اللجوء العالقين هناك. كما أن الآلاف عالقين في بلغاريا وصربيا، نتيجة تشديد الرقابة على الحدود الداخلية للاتحاد الأوروبي. وتشارك رومانيا وكرواتيا وسلوفينيا وكذلك مقدونيا وألبانيا، وهما من خارج الاتحاد الأوروبي كما صربيا في اجتماع فيينا. وقال المستشار النمسوي أن الاجتماع في فيينا، على غرار أحداث أوروبية أخرى سابقة، سيحاول وضع المصالح الوطنية جانباً بهدف «تسريع عملية اتخاذ قرار» مشترك. وأعرب كيرن عن أمله في أن يتمكن اليوم من التدقيق في الأوضاع واتخاذ إجراءات ضرورية على مختلف حدود «طريق البلقان» الذي سلكه عشرات الآلاف من المهاجرين حتى آذار (مارس). ولا يزال المئات منهم يحاولون يومياً عبور الحدود المغلقة بإحكام حالياً. وأضاف كيرن لصحيفة «دير ستاندارد» أن الاجتماع سيبحث أيضاً تحديد سبل مساعدة البلدان التي ينطلق منها المهاجرون. وسبق بحث هذه المسائل مراراً في مؤسسات الاتحاد الأوروبي الذي سيمثله في فيينا رئيس «المجلس الأوروبي» دونالد توسك والمفوض الأوروبي ديميتريس أفراموبولوس. وأكد المستشار النمسوي ان قضية الهجرة «لن تُحل في خريف هذا العام أو حتى في العام 2017». وأدى إغلاق «طريق البلقان» والتوقيع على اتفاق مثير للجدل بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في آذار الماضي إلى انخفاض في عدد الوافدين من طريق البحر الأبيض المتوسط. ووفق «المفوضية العليا لشؤون اللاجئين»، عبر أكثر من 300 ألف مهاجر العام 2016 البحر المتوسط للوصول إلى أوروبا، وإيطاليا أساساً. وهذا الرقم أقل من أعداد الوافدين خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2015 (520 ألفاً) لكنه أكبر من أعدادهم في العام 2014 بأكمله (216 ألفاً). ولكن، الوقت بات ضيقاً. فالاتفاق مع أنقرة والتحكم في تدفق المهاجرين مهدّدان بالفشل إذا لم يتم إعفاء الأتراك من تأشيرة الدخول إلى فضاء «شنغن» في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، وهذا البند تنقسم حياله الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. كما تعرب «المفوضية» عن قلقها إزاء عدد المراكب التي تتحطم في البحر، إذ غرق زورق صيد كان يقل المئات إلى إيطاليا الأربعاء قبالة مدينة رشيد المصرية، ما أدى إلى مقتل 162 شخصاً.