إسلام آباد، واشنطن – رويترز، أ ف ب، يو بي آي - توقع الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري أمس، أن يستغرق تعافي بلاده من كارثة الفيضانات سنوات. ودافع عن استجابة حكومته للكارثة، معلناً انها تواجه مرة جديدة تحدي عدم السماح باستغلال متشددين هذه الأزمة الإنسانية. وتستمر الفيضانات التي بدأت قبل نحو شهر في تهديد حوالى 600 ألف شخص من سكان منطقة وادي الاندوس بإقليم السند (جنوب). وقال زرداري لصحيفة «انديبندنت» البريطانية: «الوضع طويل الأمد ويجب أن نملك قدرة الصمود لثلاث سنوات أو ربما أكثر، وألا ننهك أنفسنا على الفور». واعتقد بأن باكستان لن تتعافى تماماً من هذه الكارثة»، موضحاً أن «أسباباً خاصة» دفعته لزيارة بريطانيا وفرنسا، حيث مكث فترة في إحدى ممتلكات أسرته لدى حصول الكارثة، وهو ما عرضه لانتقادات عدة أضيفت الى استجابة الحكومة البطيئة للأزمة التي أثرت على ثلث البلاد وشردت حوالى أربعة ملايين شخص. وفيما بدأت باكستان محادثات اقتصادية مع صندوق النقد الدولي سينضم إليها وزير المال الباكستاني عبد الحفيظ شيخ اليوم في محاولة لتخفيف القيود على خطة قروض لبلاده بقيمة 11 بليون دولار أقرها الصندوق عام 2008، اعلن مسعود أحمد، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، أن الواضح أن الفيضانات ستخلف «تأثيراً كبيراً ومستمراً» على اقتصاد باكستان الذي اعتبر ضعيفاً قبل الفيضانات. وأشار أحمد الى أن الخيارات المتاحة أمام الباكستانيين تتمثل في تعديل خطة قروض الصندوق الممنوحة لهم كي تأخذ في الحسبان الضغوط المالية الناجمة عن الفيضانات، أو اللجوء إلى تمويل طارئ يخصصه الصندوق للبلدان المتضررة من الكوارث الطبيعية. وأكد أن المحادثات ستركز على الآثار التي ستخلفها الفيضانات على النمو والتضخم والموازنة. وقال: «سيتعين على الصندوق اتخاذ خيارات صعبة لإعادة تخصيص الاستثمارات الحكومية من أجل الأولويات الأهم، وإيجاد طرق لتعبئة الموارد». وأضاف: «المساعدات الأجنبية ستكون ضرورية لمساعدة الحكومة التي تعاني من شح التمويل الداخلي، علماً أن المسؤولين الباكستانيين يواجهون خيارات صعبة في ما يتعلق بكيفية تخصيص الموارد الشحيحة لإعادة الإعمار». وتعهدت 30 دولة تقديم 700 مليون دولار لمساعدة باكستان، إضافة الى التزام الأممالمتحدة تقديم 150 مليوناً، ودول أخرى بتأمين 300 مليون دولار لنشاطات غير محددة حتى الآن. وتنوي الدول التي تساعد باكستان عقد اجتماعات جديدة مع الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي في شأن الفيضانات خلال الشهور المقبلة، ما سيسمح بمتابعة تنفيذ قرارات الاجتماع الذي عقد في مقر الأممالمتحدةبنيويورك الأسبوع الماضي. وقال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي: «بدأ العالم يعي أن الأمر ليس مجرد فيضان، انها فيضانات عملاقة، فيضانات القرن»، مشيراً الى انه بحث مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في إمكانية عقد اجتماع دولي جديد في نيويورك في 19 أيلول (سبتمبر) المقبل، وعقد اجتماع في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسيل التي اختيرت أيضاً لاستضافة اجتماع في تشرين الأول (أكتوبر) لمنتدى أصدقاء باكستان الديموقراطية الذي أنشئ عام 2008 من أجل مساعدة البلاد على محاربة التشدد والخروج من عقد سلطة العسكر. ميدانياً، استمر منسوب المياه بالارتفاع في نهر الاندوس، ويهيمن القلق حالياً على المنطقة الجنوبية في ضواحي حيدر آباد، سادس كبرى مدن باكستان والتي يتجاوز عدد سكانها 2,5 مليون شخص. وصرح جام سيف الله داريجو، وزير الري في إقليم السند حيث تقع حيدر آباد بأن «الوضع سيكون خطراً جداً في اليومين المقبلين أو الأيام الثلاثة المقبلة ويجب أن نراقب مستوى المياه عن كثب في مصب نهر الاندوس الذي سيرتفع في شكل استثنائي». وأعلن نشر آلاف العمال لتعزيز السدود التي تحمي المدن على طول نهر الاندوس وروافده، مشيراً الى أن «كل الاحتمالات واردة». وأكد عارف محمود، المسؤول عن المركز الوطني للأرصاد الجوية أن مستوى نهر الاندوس سيرتفع في شكل استثنائي عند سد كوتري عند أبواب حيدر آباد لثلاثة أو أربعة أيام قبل أن يتراجع». وأجلي مئات آلاف الأشخاص من مدن وقرى وادي الاندوس قبل أربعة أيام. وتؤكد السلطات أن أحداً لم يقض غرقاً على رغم وصول الفيضانات الى عشرات القرى. وفيما يستطيع ملايين الباكستانيين بالكاد البقاء على قيد الحياة في مخيمات تديرها السلطات والأممالمتحدة والمنظمات غير الحكومية للأوفر حظاً منهم، بينما يفتقر معظمهم الى الغذاء ومياه الشرب والرعاية الطبية ويظلون عرضة للأوبئة التي تنتشر بسرعة، توفي 8 أشخاص على الأقل بينهم طفلان بمرض الكوليرا وأوبئة أخرى في منطقة جعفر آباد بإقليم بالوشستان الذي لا يزال منعزلاً عن بقية البلاد بسبب الفيضانات، ويعاني من شح في مياه الشرب والغذاء. وفي طهران، أعلن وزير الداخلية الإيراني مصطفى محمد نجار أن الرئيس محمود احمدي نجاد سيتوجه الى باكستان قريباً لتفقد مناطق اجتاحتها الفيضانات، «تمهيداً لتحديد أفضل الوسائل لتقديم مساعدات».