شكل إضراب المصارف اللبنانية أمس، ناقوسَ خطر دقته جمعية المصارف تحذيراً من عواقب الإجراءات الضريبية التي أقرتها اللجان النيابية المشتركة من بين تدابير أخرى، لتأمين تمويل سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام التي شغلت المجلس النيابي لأيام، ولا يزال عاكفاً على التفتيش عن موارد مالية لتغطية كلفتها. ولم يقتصر نهار أمس على الإضراب، بل تطوّر إلى رفض رئيس المجلس النيابي نبيه بري استقبال وفد الجمعية برئاسة فرانسوا باسيل قبل تقديم اعتذار على خلفية هجومه أول من أمس على المجلس، والدعوى التي رفعها النائب هاني قبيسي ضده. ولفت بري إلى «تملّص المصارف من دفع الضريبة وفق «مؤتمر باريس – 3 «، وأن الأمر «لن يمرّ». ورداً على رفض بري استقبال الوفد المصرفي، أوضح باسيل في مؤتمر صحافي كان مقرراً أول من أمس عقده بعد لقاء وزير المال علي حسن خليل في مكتبه، أن التصريح الذي أدلى به «يعبّر عن رأيي»، مؤكداً «عدم مهاجمة نائب معين أو الرئيس بري، الذي أكنّ له الاحترام واعتبر وجوده أساساً لحل المشاكل بتدوير الزوايا عند الضرورة، ونتّكل عليه لإيجاد الحل الناجع والمناسب للصراع القائم بين الهيئات الاقتصادية والجمعية من جهة واللجان النيابية من جهة أخرى». وقال: «عنيت في حديثي السياسيين الذين أوصلوا البلد إلى الوضع الحالي»، معتبراً أن «مسألة السلسلة مزمنة وكان مفترضاً حلها منذ سنوات». وذكّر ب «ضرورة تكليف لجنة متخصصة تعيد النظر في الأجور بالزيادة سنوياً استناداً إلى مؤشر الأسعار، وليس إهمالها وتراكمها عشرات السنين». وعن الدعوى التي رفعها قبيسي، قال باسيل إن «النواب يمثلون الشعب ويجب أن يدافعوا عنا وعن مصالح مالية الدولة والاقتصاد، ويجب على النواب درس الأمور بتعمّق لتفادي أي عواقب على كلفة المعيشة». وأعلن أن بالثقة والتعاون والتنسيق بين وزارة المال ومصرف لبنان والجمعية «أمّنا للبلد وأبنائه على مدى العقدين الماضيَيْن مناخاً من الاستقرار المالي والنقدي والمصرفي، أتاح بدوره استقراراً اجتماعياً». واعتبر باسيل أن للإجراءات الضريبيّة المقترحة التي تتناول القطاع المصرفي «انعكاسات سلبية على مداخيل المودعين اللبنانيّين الذين تشكّل المدّخرات المصرفية لدى بعضهم مصدر دخلهم الأساس أو الوحيد خصوصاً من هم في سنّ التقاعد». ولم يغفل انعكاس هذه الزيادات الضريبيّة «رفعاً لمعدلات الفائدة المدينة وتأثر شرائح واسعة من المستفيدين من قروض الأفراد والأُسَر سلباً، ويناهز عددها 370 ألف قرض من أصل 460 ألفاً، وموزّعة بين سكنية وشخصية وتجزئة وتعليم». وخلُص إلى أن إقرار السلسلة «قضية محقة»، معتبراً أن «على أصحاب القرار التشاور المتواصل والمنفتح مع الهيئات الاقتصادية لا سيّما مع جمعية مصارف لبنان، لبلورة سلّة متنوّعة من المقترحات والحلول». وشدد على «سلسلة إصلاحات في مقدمها الإصلاح الجذري لمرفق الكهرباء وتحسين جباية الرسوم والضرائب، ومكافحة الفساد». ووصف باسيل الاجتماع مع وزير المال بأنه «جيد جداً»، مشيراً إلى «تفهمّه في شكل جيد وجهة نظرنا والهيئات الاقتصادية». ولفت إلى أن خليل «رحّب بأي مبادرة من جانبنا لترتيب الأمور». ونفى «وجود أي تشنّج بين الجمعية ووزير المال»، ناقلاً عنه «الاستعداد لدرس الموضوع». وقال: «طرحنا خلال اللقاء اقتراحات جديدة سنناقشها اليوم (أمس) وغداً (اليوم)». وعن نتائج رفع الضريبة على فوائد الودائع وأرباح المصارف، أوضح باسيل أن «رفع النسبة على فوائد الودائع من 5 في المئة إلى 7 في المئة سيؤثر على المودعين المسنين أو المتقاعدين الذين يعيشون من مداخيل هذه الفوائد واحتمال انسحاب ودائع إلى الخارج. أما رفع ضريبة الأرباح من 15 إلى 17 في المئة فليس مشكلة بالنسبة إلى المصارف، لكنه سينعكس رفعاً للفوائد على القروض السكنية والتجزئة والصناعية». وأكد سعي المصارف إلى «تفادي الازدواجية في دفع الضريبة، إذ يقتطع مصرف لبنان المركزي على توظيفات المصارف بما فيها الودائع وشهادات الإيداع المصرفية وسندات الخزينة، وتُحسم الضريبة على الفوائد من الضريبة الإجمالية التي تدفعها المصارف للدولة، والإجراء المتخذ يقضي بجمع الضريبة المدفوعة مع الضريبة على العائدات المحددة بنسبة 15 في المئة، بحيث تصبح الكلفة الضريبية نحو 33 في المئة، وتزيد وفق حجم المصرف إذ تصل كلفتها في بعضها إلى 80 في المئة». وأكد نائب رئيس الجمعية سعد الأزهري، أن «لا مشكلة لدى المصارف في رفع الضريبة إلى 17 في المئة، وهي مستعدة لتحمّل ضرائب إضافية». لكنه أوضح أن «فرض الضريبة على الموجودات والاستثمارات يعني عملياً زيادة الفوائد على التسليفات ما سيؤدي إلى ضرب الاقتصاد، لأن الزيادة ستنسحب على الدولة والقطاع الخاص». وأشار إلى أن مجموع المقترضين يصل إلى «500 ألف وتتوزع تسليفاتهم بين تملك مسكن أو استهلاك، لذا ستكون هناك أزمة». وقال إن خليل «تفهّم هذا الأمر».