تابعت جلسة اللجان النيابية المشتركة قبل ظهر امس البحث في سلسلة الرتب والرواتب ومصادر تمويلها، وتعمقت اللجنة التي كان البارز فيها مشاركة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بدرس كيفية تأمين الواردات وأرجأت الجلسة إلى الخامسة عصراً لمزيد من البحث والتشاور، نظراً إلى دقة الموضوع. وكانت الجلسة انعقدت برئاسة نائب رئيس المجلس فريد مكاري وفي حضور وزراء المال علي حسن خليل والزراعة أكرم شهيب والتربية إلياس بوصعب، وشرح سلامة تصوره لمخاطر السلسلة وتأثيرها على التضخم والفوائد والتصنيف الائتماني الدولي. والجلسة التي غادرها سلامة بعد مداخلته شهدت نقاشاً حول كيفية تأمين واردات للسلسلة، ولا سيما البند الأول في جدول الإيرادات المتعلق بال (tva) وسبل زيادة الضرائب. واقترح نواب رفع الضريبة على القيمة المضافة من 10 إلى 12 في المئة. واقترح نواب آخرون توسيع مروحة الضرائب على الكماليات لغاية 15 في المئة، كمواد التجميل والعطور. وعند الثانية، رفع نائب رئيس المجلس الجلسة إلى الخامسة بعد الظهر. آثار اقرار السلسلة وقالت مصادر نيابية ل «الحياة»، إن سلامة قدّم عرضاً تحليلياً لانعكاسات كلفة السلسلة، في حال أقرت كما هي، على الوضعين الاقتصادي والمالي، فأوضح أن الإيفاء بأرقامها للموظفين دفعة واحدة سيؤدي إلى الآتي: ضخ نسبة كبيرة من السيولة تنتج منه زيادة التضخم بنسبة زهاء 3 في المئة، زيادة العجز في ميزان المدفوعات وموازنة الخزينة، ارتفاع الفوائد بنسبة قد تصل إلى 4 في المئة، انعكاس زيادة الفوائد على القروض السكنية وشراء السيارات، إذ إن هناك 96 ألف مواطن يستفيدون حالياً من الإسكان بفوائد سنوية مقبولة، انخفاض الثقة بالاقتصاد، واهتزاز تصنيف لبنان الائتماني من -B إلى أقل مما هو عليه، ما يؤثر في الاستقرار المالي وقد تنتج منه آثار لا يحتملها لبنان. كما أن كل هذه العوامل ستؤدي إلى صعوبة تمويل الدولة نفسها (في ظل العجز القائم) من الخارج فضلاً عن أن المصارف في الداخل قد تتردد، لأن القطاع المصرفي يمول حتى الآن الدولة بقيمة ثلث ودائعه، وإذا تراجعت هذه الودائع، بانتقال بعضها إلى الخارج نتيجة احتمال عدم الثقة، فإن القدرة على التسليف تنخفض. وأشارت المصادر النيابية إلى أن سلامة نصح بدراسة مشروع السلسلة بدقة، خصوصاً لجهة التقديرات حول مصادر وحجم تمويلها من الواردات، كما اقترح تجزئة تطبيق السلسلة (لا الاكتفاء بتقسيطها) على مدة 5 سنوات وترشيق بنودها وضمان الموارد مقابل أرقام الكلفة والقيام بإصلاحات ضرورية. ورأى سلامة، وفق المصادر، أن أرقام السلسلة كما هي في المشروع الذي تجري مناقشته، قد تؤدي إلى ارتفاع عجز الخزينة السنوي من زهاء 4 آلاف بليون ليرة إلى 6 آلاف بليون ليرة. وشدد سلامة، كما قالت المصادر، على الأخذ في الاعتبار الانكماش الاقتصادي الحالي في البلد، الذي يؤدي إلى الاقتراض بفوائد أعلى من الحالي. وذكرت المصادر أن مواقف ممثلي كل الكتل النيابية كانت متشابهة، من زاوية حرصهم على تفادي أي أخطار تنجم من أرقام مفترضة للسلسلة، مع إجماعهم على أحقية مطالب الموظفين والأساتذة وعدالتها. كما توافقوا مع الوزير خليل على «أننا جميعاً في مركب واحد، إذا غرق لن ينجو منه أحد»، ودعوا إلى التأني في دراستها. وقالت: «هناك على الدوام أرقام عن الواردات تقل من الناحية العملية عن التقديرات الورقية». ومن الاقتراحات التي عرضت، تشغيل جهاز الكشف عن التهريب لتحسين جباية الجمارك، إعادة النظر في الإعفاءات الاستثنائية لعدد من الجمعيات، ومنها الدينية، رفع رسوم الكماليات، رفع قيمة الضريبة المضافة من 10 إلى 12 في المئة مع زيادة الإعفاءات لذوي الدخل المحدود. واقترح النائب غازي يوسف أن تسحب الحكومة مشروع السلسلة لدراسته، لكن عدداً من النواب رأى أن هذه الخطوة قد توحي بأن البرلمان يؤخر بحثها لإقرارها ويسبب رد فعل. ودعا النائب جمال جراح إلى تشكيل لجنة مصغرة من مصرف لبنان ووزارتي المال والاقتصاد والنواب المختصين لدراسة السلسلة وتنقيتها من الشوائب وأرقام الواردات لتعيدها سريعاً إلى البرلمان. وسبق الجلسة لقاء بين مكاري والنائب مروان حمادة، ووفد من الهيئات الاقتصادية برئاسة رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس الذي دعا إلى «ضرورة التريث ببت موضوع تمويل السلسلة حتى يتم ثبات رقم التمويل واستقراره»، كما دعا إلى «عودة ملف التمويل إلى لجنة مصغرة لدرسها بشكل واف ودقيق، وإشراك الهيئات الاقتصادية في هذه الاجتماعات»، واعتبر أن «مقاربة تمويل السلسلة تعتمد على تقليص الإنفاق في الموازنة العامة، لا سيما في موضوع مؤسسة كهرباء لبنان، وعلى تحسين جباية الضرائب من المرافق العامة، وسلة جديدة من الضرائب التي لا ترهق الخزينة والمواطن، وإعادة الاعتبار لموضوع تقسيط السلسلة».