تحولت التحركات الاحتجاجية التي تشهدها مناطق لبنانية مختلفة رداً على استمرار انقطاع التيار الكهربائي، بدورها الى أزمة تضاف على كاهل المواطنين. فلم تعد التحركات تقتصر على اعتصامات متفرقة يليها إحراق للإطارات المطاطية وإقفال لطرق رئيسية قبل تدخل القوى الأمنية التي تعمل عادة على تفريق المحتجين وفتح الطرق. بل تحولت التحركات الى موجة متنقلة من أعمال الشغب والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة والتعرض للمارة الذين يصادف مرورهم سيراً أو بسياراتهم في المناطق التي قرر المحتجون إقفالها بالإطارات المشتعلة، في ظل تكرار تأخر القوى الأمنية في الوصول الى المناطق التي تشهد الاحتجاجات، ما أدى الى تضرر أشخاص وممتلكات جراء هذه الممارسات. وشهدت منطقة الخندق الغميق ليل أول من أمس، إحراقاً للإطارات وإقفالاً للطريق الممتدة الى بشارة الخوري احتجاجاً على انقطاع التيار لمدة يومين. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن الجيش فتح الطريق، بعدما اعتدى محتجون على أملاك عامة، ولاحق المشاغبين. وكانت طريق المطار شهدت قبل يومين أعمال شغب، إذ أقفل المحتجون الطريق فجراً، وتعرضوا للمارة ووجهوا الإهانات الى سائقي السيارات الذين لم يمتثلوا لأوامرهم بالعودة من حيث أتوا. ولم تتدخل القوى الأمنية إلا بعد أكثر من ثلاث ساعات على بدء التحرك. وليل أول من أمس، قطع عدد من الشبان إحدى الطرقات الرئيسة في حي الشيخ حبيب في بعلبك احتجاجاً. وطالب المحتجون بالتساوي في توزيع التيار داخل المدينة، مهددين بتوسيع دائرة قطع الطرقات وصولاً الى باحة القلعة الأثرية. وفتح عناصر قوى الأمن الداخلي الطريق بعد نحو نصف ساعة من إقفالها. وتوالت المواقف من أزمة الكهرباء. واعتبر رئيس لجنة الطاقة النيابية محمد قباني في حديث الى «أخبار المستقبل» أمس، أن انتقادات النائب ميشال عون لحقبة الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري في ملف الكهرباء «سياسية»، مذكراً بأن التغذية بالتيار «وصلت إلى قمتها 24 على 24 عامي 1997 و1998». وذكر بأن «الانهيار في مستوى الكهرباء بدأ عام 1998 ولا يزال مستمراً حتى اليوم، بسبب عدم إنجاز أي جديد لا على صعيد معامل الإنتاج ولا في موضوع خط التوتر العالي المجمد منذ ست سنوات في مكان واحد». وقال النائب زياد القادري، في حديث الى تلفزيون «الجديد» انه «مع معاناة الناس من مشكلة تقنين الكهرباء، على رغم التعليق على شبكات الكهرباء الحاصل في الكثير من المناطق التي يقوم سكانها بالاحتجاج، ما يتسبب في حرق المحولات الأساسية في المناطق». ورأى أن «الناس لا تنزل إلى الشوارع بهذه الكثرة من تلقاء نفسها احتجاجاً على انقطاع الكهرباء، بل هناك من هم وراءهم». ودعا عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية علي المقداد في حديث الى إذاعة «الرسالة» الى «توزيع الكهرباء في شكل عادل بين المناطق، مطالباً الحكومة ب «خطوات سريعة لمعالجة الأزمة ولو جزئياً»، وقال: «لا نريد الانتظار خمس سنوات لتحسين التغذية»، وأكد أن «الاحتجاجات عفوية ولا تحمل رسالة سياسية بل هي تعبير من المواطنين عن معاناتهم». ودعا عضو كتلة «التنمية والتحرير» النيابية هاني قبيسي، في كلمة ألقاها خلال احتفال في الجنوب الحكومة الى «التفرغ لحل المشاكل التي يعاني منها الوطن والمواطن وفي مقدمها المياه والكهرباء»، مؤكداً «أن الحل لا يكون في الشارع والشارع لا يؤدي الى حل»، داعياً الى «التعبير عن الحقوق بطرق حضارية»، رافضاً «تحميل أزمة الكهرباء في لبنان الى طائفة معينة». ولفت رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية روبير غانم الى ان «لبنان انفق 11 بليون دولار على الكهرباء من دون تنفيذ خطة لإصلاح القطاع». وقال: «هناك في لبنان مسؤولون لكن ليس هناك مسؤولية». وأعتبر عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النيابية آلان عون ان «هناك تضخيم في الاحتجاجات على الكهرباء ومحاولات لتوظيفها سياسياً، بالتالي لا عصا سحرية لمعالجة الموضوع بل هناك مسار».