ربط العاهل المغربي الملك محمد السادس بين مراحل الكفاح من أجل استقلال بلاده وصون سيادتها. وقال، في خطاب وجهه اول من أمس لمناسبة الذكرى ال 57 ل «ثورة العرش والشعب» التي انطلقت رداً على نفي الملك الراحل محمد الخامس وأفراد عائلته الى مدغشقر في 20 آب (اغسطس) 1953، ان «اقتراحنا تخويل أقاليمنا الجنوبية حكماً ذاتياً يعتبر استمراراً للكفاح من أجل صون سيادة المملكة على كامل ترابها الوطني». لكنه انتقد بشدة مواقف باقي الأطراف المعنية بالحل السياسي لقضية الصحراء. وقال: «كلما ازداد الدعم الدولي لهذه المبادرة الشجاعة المشهود لها دولياً بالجدية والصدقية تتمادى (هذه الاطراف) خصوصاً في مناوراتها اليائسة لعرقلتها ونسق ديناميتها الواعدة بالتسوية النهائية المنشودة دولياً واقليمياً». ووصف الملك محمد السادس الاطراف المعرقلة للتسوية، من دون ذكر الاسماء ب «الأعداء»، قائلاً: «مهما بلغ تعنت أعداء وحدتنا الترابية، فإنه لن يزيدنا الا اصراراً في مواصلة التطور الديموقراطي بكامل الحزم والعزم واليقظة والتعبئة»، مؤكداً في رد غير مباشر على بعض انتقادات أوضاع حقوق الانسان في المحافظات الصحراوية «ان حقوق المواطنة لا يمكن تصورها أو ممارستها الا في ظل التزام الحق الأسمى للوطن في الوحدة والسيادة». ولاحظ مراقبون ان خطاب «ثورة الملك والشعب» تجنب تسمية الجزائر صراحة كما في خطاب عبد الجلوس في نهاية تموز (يوليو) الماضي، لكن ذلك لا يعني حدوث تغيير في المواقف. وانما استمرار حال الجمود، التي تطبع العلاقات المغربية – الجزائرية، واستمرار المأزق في ملف الصحراء. وذهبت اوساط الى اعتبار تمسك المغرب باقتراح الحكم الذاتي مؤشراً لمسار المساعي الجديدة الرامية الى معاودة استئناف المفاوضات العالقة، خصوصاً بعد الزيارات الاستكشافية التي قام بها الموفد الدولي كريستوفر روس لعواصم الدول الأعضاء في مجلس الأمن، قبل تقديم اقتراح بموعد ومكان استئناف المفاوضات وان في طبعتها الصغرى. الى ذلك عرض العاهل المغربي الى خطة النظام الجهوي، داعياً الى اعداد تصور عام لنموذج نابع من واقع بلادنا. ورأى «ان الخيار يندرج في سياق رهانات وحدوية وديموقراطية وتنموية، ينطوي عليها مستقبل البلاد». ودعا الحكومة الى «اعداد ميثاق عدم التمركز الذي يفرض الى نقل الصلاحيات والموارد اللازمة لدعم النظام الجهوي». وكان العاهل المغربي عهد الى لجنة استشارية برئاسة عمر غريسان سفير المغرب السابق في مدريد اعداد مشروع متكامل حول النظام الجهوي، يركز على خصوصيات البلاد وهويتها، ويشكل نموذجاً في توسيع صلاحيات الاقاليم في ادارة شؤونها المحلية. وشرعت اللجنة التي ضمت خبراء ورجال قانون واكاديميين في اجراء مشاورات مع الزعامات السياسية ومكونات المجتمع المدني والنخب الفكرية، كما طلبت مهلة اضافية لإعداد الخطوط العريضة للمشروع الذي ستعرضه في وقت لاحق.