لطالما ردد النجم راوول غونزاليس أنه يفضّل الموت قبل أن يفكّر في مغادرة ريال مدريد، المرتبط معه بعلاقة وثيقة بدأت عام 1994، لكن ل»لظروف أحكام». وما «كابده» من كان مدللاً في الفريق الملكي، جعله يتجرّع مرّ الرحيل، على حدّ تعبيره، ويتخذ «أصعب قرار في حياتي، وعيش اللحظة الأكثر ألماً». في موسم 2010 – 2011 الكروي، إلتحق راوول بنادي أف سي شالكه الألماني، وليختبر أول مغادرة له ل»القلعة البيضاء» التي نذر لها عمره مذ كان في ال17 من عمره. حتى اليوم، يبدو أن السبب الأساس والوحيد الظاهر لرحيل راوول هو قدوم المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، الذي اجتمع مع اللاعب المخضرم، وقرر على إثرها الأخير البحث في العروض التي تلقاها من أندية انكليزية وألمانية، فكان قراره بالإنضمام الى «البوندسليغه». وأشار إلى أن مورينيو «كان صريحاً معي، وهو قدّم لي عروضاً رائعة، وأنا أشكره على تقديره لي. لكني كنت أريد شيئاً جديداً». واذا كان راوول يتكلم بديبلوماسية متقنة، فلرغبة منه بعدم الدخول في سجالات غير مجدية. فعرض مورينيو كان واضحاً، وهو أن اللاعب سيكون عنصراً احتياطياً في الفريق، وسيحصل على فرص للعب في بعض المباريات، خصوصاً في المسابقات الهامشية (ككأس ملك إسبانيا مثلاً ضد الفرق الصغيرة)، لكنه في كل الأحوال لن يكون لاعباً مميزاً ومحورياً في مشروع المدرب البرتغالي. ويلفت الناقد الرياضي بيدرو فيلاسكيز إلى أن راوول «يشعر أنه لا يزال قادراً على العطاء لمدة سنة أو سنتين مع مستوى جيد، ولم يرد أن يوقف مسيرته باكراً، ولهذا قبل خوض غمار الدوري الألماني». ويتوافق رأي فيلاسكيز مع كلام راوول في مؤتمره الصحافي الذي قال فيه عند إعلان إنتقاله إلى ألمانيا: «قلبي يتألم من الرحيل، ولكن جسدي وروحي يدفعانني إلى لعب كرة القدم. وبين الاثنين اخترت أن ألعب». ونجحت صفقة شالكه استناداً إلى المبادرة التي قام بها مدرب الفريق الألماني فيليكس ماغات، الذي باشر اتصالاته مع راوول منذ تأكيد وصول مورينيو الى ريال مدريد. ويوضح النجم الإسباني «لقد تلقيت اتصالات من ناديي ويستهام يونايتد ونيوكاسل يونايتد الإنكليزيين، ومن شالكه. وكان من الطبيعي أن أختار في النهاية شالكه لأضمن مشاركتي في دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل». ومسألة دوري الأبطال كانت السبب الرئيس الذي دفع ماغات الى الاستعانة بجهود الإسباني المخضرم (33 سنة)، الذي يملك سجلاً مميزاً في المسابقات الاوروبية مع 68 إصابة في مختلف الكؤوس. وهو يحتل المركز الأول على هذا الصعيد مناصفة مع الايطالي فيليبو انزاغي. ويبدي ماغات سعادته لنجاح الصفقة «لأن راوول لاعب من الفئة الممتازة، وهو نجم قادر على سدّ ثغرات عدة في الفريق من خلال خبرته الطويلة. نحن في حاجة إليه في دوري الأبطال وهو سيكون خير سند لنا في اختبارنا هذه السنة». كما سارع ماغات إلى التأكيد أن راوول سيكون اللاعب رقم واحد في خط الهجوم ومركزه ثابت في التشكيلة على رغم تلميحات أوردتها صحف ألمانية عن عدم قدرته على الصمود من الناحية البدنية في «البوندسليغه»، بسبب تقدمه في السن. «أظن أنهم سيستفيدون منه في المسابقة الأوروبية لأن شالكه يملك لاعبين أصغر وأسرع، ولكن هذا لا يعني أن دور راوول ليس أساسياً». وكلام كلاوس إنغه جاء على خلفية مقال له شجع فيه على الاستعانة بعناصر محلية في ضوء نجومية اللاعبين الألمان الشباب في مونديال جنوب أفريقيا. وهي مناسبة كبرى أبدى راوول سروره للانتصار الإسباني فيها، وإن كان شخصياً يشعر بغصة كبيرة لعدم تمكنه من المشاركة في هذا الحدث بعد سنتين على الانتصار الأول في بطولة أوروبا 2008، التي غاب عنها راوول بداعي الاستبعاد. ويؤكد غالبية النقاد أن مسيرة راوول الدولية انتهت فعلياً بعد مونديال 2006، حيث خاض آخر مبارياته مع المنتخب، وسجل اصابته ال44 مع ال»روخا»، وبالتالي احتفظ بالرقم القياسي في هذا المجال. لكن المدرب لويس أراغونيس قام بما يشبه الضرب المستحيل حين قرر الاستغناء نهائياً عن خدمات راوول مع المنتخب، وجاءت النتيجية فوز الإسبان باللقب الأوروبي، وهذا ما شكل طعنة قاتلة لراوول، باعتبار ان غيابه فتح الباب لتغيير أساسي في المنتخب، ومعه صار الإسبان متحررين من عقدة النجم الأوحد، وصار الاعتماد على أسلوب الجماعة. لقد تقبّل راوول «هذا المسلسل الانحداري» بواقعية، وقام بحركة إلتفافية للحدّ من الخسائر باحثاً عن نهاية مقبولة لمسيرته، وإن خارج «ناديه الأم»، واعداً بالعودة إلى كنفه «لأقدّم من خبرتي في مجال الإدارة الفنية». وهذا الطلب من راوول رحّب به الرئيس فلورنتينو بيريز، في انتظار ما ستؤول اليه نتيجة مغامرته الألمانية.