لم تشأ جمعية «نما في بيروت» انتظار انتهاء شهر رمضان، كما اعتادت بقية المهرجانات السينمائية العربية، ان تفعل، سواء أكانت كبيرة أم صغيرة، بل اقتحمت الموسم المهرجاني اللبناني والعربي، مقيمة دورتها التاسعة لمهرجان الفيلم اللبناني طوال أيام بدأت أمس الخميس، لتنتهي الاثنين، وذلك في صالة «متروبوليس» في بيروت. وإذا كان مسؤولو المهرجان يقولون ان الأفلام ال58 التي تعرض خلال هذه الأيام، انما تم اختيارها من بين 160 فيلماً رشحت للمشاركة، فإن ما يلفت حقاً هو أن كل الأفلام اللبنانية المعروضة، أفلام قصيرة أو وثائقية أو «اختيارية» أو فيديو كليب... وما الى ذلك، مما يعني غياب أي فيلم لبناني روائي طويل، باستثناء فيلم الختام وعنوانه «مجال» (وهو كما يبدو ناطق بالفرنسية مع ترجمة انكليزية!). وبالتالي يمكن القول ان عرض هذا الفيلم يشكل واحداً من «الأحداث» الأساسية في مهرجان يخلو من أية أحداث حقيقية، إلا إذا اعتبرنا عرض الفيلم الإيراني الروائي الطويل «لا أحد يعرف شيئاً عن القطط الفارسية»، حدثاً، لبنانياً فقط، طالما ان هذا الفيلم اللافت و «المنشق» الذي حققه بهمان قيادي، سبق له ان تجول في عشرات المهرجانات ومئات العروض. مهما يكن من أمر، هو «حدث» في لبنان، لأن ما يعرض في هذا البلد من نتاجات السينما الإيرانية بات يغلب عليه الطابع المحافظ، مع غياب شبه تام للأعمال الكبيرة التي صنعت، في العالم كله، تلك السمعة المبدعة للسينما في إيران. حدث، أو شبه حدث آخر، هو عرض الفيلم التسجيلي الطويل «كما قال الشاعر» لنصري حجاج، عن محمود درويش وشعره... وهو فيلم سبق أن عرض غير مرة في بيروت نفسها. وإذا كان جانب الحنين يمثله في هذه الدورة العرض المفاجئ لفيلم «... أوجه ليوم واحد» (1972، لكريستيان غازي)... فإن ما سيبقى في الأذهان حتماً، هو بضع عشرات من شرائط قصيرة، حققها شبان سينمائيون من هؤلاء الذين يعنيهم مدير المهرجان نديم ثابت حين يقول ان المطلوب هو «الكشف عن نجوم الغد لمشاركة أفلامهم مع الجمهور... ما يعني مبرر وجود مهرجان كهذا»، مؤكداً ان «كون مهرجان هذه السنة يتميز بمشاركة عدد من المخرجين الشباب، يؤكد التزامنا بهذه المهمة أكثر من أي وقت مضى».