وضعت دراسة «تقييم قدرة الاقتصاد السعودي على خلق فرص عمل مناسبة ومستدامة للمواطنين»، ثلاثة سيناريوات لقدرة الاقتصاد السعودي على خلق وظائف حتى 2020، سيناريو متفائل بتوليد الاقتصاد 5.746 مليون فرصة، وسيناريو متوسط التفاؤل بتولد الاقتصاد 3.567 مليون فرصة والسيناريو الثالث أقل تفاؤلاً بتوليد 1.637 مليون فرصة عمل، إلا أنه في جميع ذلك يحظى السعوديون بالنسبة الأقل في الوظائف، إذ توزعت بنسبة 45 في المئة للمواطنين، و55 في المئة للوافدين. وتعتبر الدراسة من الدراسات المهمة التي قدمت في الدروة السابعة لمنتدى الرياض الاقتصادي، وتبرز أهميتها من جوانب عدة، الجانب الأول يتمثل بتأكيدها ما يقوم به «المنتدى» من دور في درس القضايا الاقتصادية وإيجاد الحلول لها، سعياً لتحقيق التنمية المستدامة، أما الجانب الثاني فيُنظر إليه من ناحية تزامن «الدراسة» مع صدور قرار الموافقة على تنظيم هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة، وكذلك استباقها «رؤية المملكة»، التي تستهدف خطتها زيادة مشاركة النساء في سوق العمل من 22 في المئة إلى 30 في المئة، وخفض نسبة البطالة بين السعوديين من 11.6 في المئة إلى سبعة في المئة، وهذا التوافق في الرؤى يشير إلى صحة قراءة «المنتدى» لواقع الاقتصاد وما يواجه من معضلات، وتقديم الحلول لمساعدة مؤسسات الدولة في تحقيق أهدافها. وكي يتم الوصول إلى أبعاد (المشكلة) ووضع الحلول لها، شملت الدراسة سبعة محاور رئيسة، كل واحد منها يضم عدداً من المباحث يتناول موضوعاً من مواضيعها، ولقد خصص المحور الأول لعرض هدف الدراسة، ووسائل ومصادر وطرق توليد الوظائف، أما المحور الثاني فاهتم بتشخيص واقع الاقتصاد وسوق العمل واستعراض السياسات المطبقة حالياً لتوليد فرص حقيقية، وتحديد ما تواجهه من تحديات، كما يتناول التناقض القائم بين قدرات الاقتصاد والفرص الوظيفية المتاحة للمواطنين من جهة، وعن جوانب الخلل في سوق العمل السعودي، المتمثلة بغلبة المشتغلين الوافدين من جهة أخرى، كما تناول هذا المحور السياسات الاقتصادية المطبقة لتوليد فرص عمل حقيقية، مع توضيح إيجابياتها وسلبياتها، وما حققته من نتائج. أما المحور الثالث فخصص لقياس قدرة الاقتصاد على توليد الوظائف حتى عام 2020، إذ يشار فيه إلى أن ما ولده الاقتصاد من وظائف في الفترة 1999 – 2014 بلغ 5.5 مليون وظيفة، تتوزع بنسبة 46 في المئة للمواطنين، و54 في المئة للوافدين، ارتفع إلى 11.1 مليون وظيفة في منتصف 2014، غير أنها توزعت بنسبة 45 في المئة للمواطنين، و55 في المئة للوافدين، وتؤكد الدراسة، في تناولها هذا الموضوع، أن نسبة المواطنين ستزداد بمعدلات أسرع من معدل نمو السكان، بحيث سيدخل سوق العمل بدءاً من 2015 -2020 ما متوسطه السنوي 408 آلاف مواطن، بزيادة سنوية مقدارها 58 ألف داخل جديد إلى سوق العمل، في فترة 2009 –2014، واستناداً إلى ذلك فإنها ترى أن قوة العمل الوطنية (مواطنون فقط) ستشكل نسبة 34 في المئة من السكان السعوديين 2020، وعلى رغم أن نسبتها إلى إجمالي السكان ستظل أقل من مثيلاتها في العالم، فإن ذلك يعني زيادة القوى العاملة بمقدار 2.074 مليون عامل خلال الفترة 2015 – 2020، وبمتوسط سنوي 346 ألف عامل، وترى أنه مع ذلك ستظل الغلبة عددياً لمصلحة قوة العمل الوافدة، بنسبة 55 في المئة، وللوطنية 45 في المئة. فرص العمل تتوقع الدراسة أن تنمو فرص العمل، التي سيولدها الاقتصاد خلال السنوات الخمس المقبلة، في ضوء ثلاثة سيناريوات من التوقعات لمؤشرات الاقتصاد، أولها سيناريو أكثر تفاؤلاً، معتمداً على توقعات الاستراتيجية بعيدة المدى، التي يتوقع بالاستناد إليها أن يولد الاقتصاد 5.746 مليون فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة، أي حتى نهاية 2020، منها 2.864 مليون فرصة عمل ستذهب للمواطنين، و2.882 مليون فرصة عمل ستذهب للوافدين، وثانيها سيناريو متوسط التفاؤل، معتمداً على توقعات البنك الدولي (المتفائلة)، ويتوقع وفق هذا السيناريو أن يولد الاقتصاد 3.567 مليون فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة، منها 1.665 مليون فرصة عمل ستذهب للمواطنين، و1.902 مليون فرصة عمل ستذهب للوافدين، وثالث هذه السيناريوات أقل تفاؤلاً، ويعتمد على توقعات البنك الدولي (المتحفظة)، سيولد الاقتصاد 1.637 مليون فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة، منها 750 ألف فرصة للمواطنين، و887 ألف فرصة للوافدين. أما المحور الرابع من الدراسة فيبحث في قدرة الاقتصاد على توليد الوظائف بحسب كل «قطاع اقتصادي» وفق معايير محددة، مثل ملاءمة الوظيفة واستدامتها والراتب المجزي، إذ تتوقع الدراسة أن يصل عدد المواطنين، الذين يعملون في وظائف مقبولة منهم، أي عدد الوظائف المناسبة والمستدامة (الملائمة) للمواطنين 2020، ما مجموعه 7.106 مليون وظيفة. فيما خصص المحور الخامس لدرس تجارب عينة من الدول الناجحة في مجال توليد الوظائف للمواطنين، بينما خصص المحور السادس من الدراسة لعرض النتائج الميدانية، التي تشمل مرئيات رجال الأعمال والمواطنين القائمين على رأس عملهم في عدد من المواضيع المتعلقة بتوليد الوظائف. رؤية استراتيجية والمحور السابع تم فيه تقديم رؤية استراتيجية تتضمن سياسات اقتصادية بديلة، ومبادرات لتوليد فرص وظيفية مناسبة ومستدامة للمواطنين القادمين الجدد إلى سوق العمل، وتمت صياغة هذه الرؤية في شكل مبادرات، يضم كل منها عدداً من الأهداف الاستراتيجية، التي تركز على ضرورة وأهمية توليد مزيد من الفرص الوظيفية وإعادة النظر في نوعية الوظائف التي يتوجب أن يولدها القطاع الخاص. ويذكر أن هذه الرؤية انطلقت من النتائج التي توصلت إليها الدراسة، وفي طليعتها أن اقتصاد المملكة اقتصاد قوي استطاع خلال الفترة بين 1999-2014 توليد فرص عمل لا تقل عن 5.475 مليون فرصة، إلا أن 57.4 في المئة منها ذهبت لمصلحة العمالة الوافدة، و42.6 في المئة فقط ذهبت للعمالة الوطنية، كما ذهب 36 في المئة من وظائف المواطنين للوظائف الحكومية، غير أن ذلك لم يحد من قدرة الاقتصاد الوطني على توليد فرص عمل، فشكل نسبة 44.5 في المئة من إجمالي الوظائف القائمة 2014 قبل بها مواطنون يعملون في أنشطة، يبلغ متوسط الرواتب فيها 5000 ريال، وتتمتع هذه الوظائف بأهمية اقتصادية قياساً إلى مقدار إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي، وكانت الاستثمارات اللازمة لتوليدها في متناول الاقتصاد السعودي، كما توصلت إلى نتيجة ثالثة مفادها أن بإمكان الاقتصاد السعودي توليد وظائف خلال الحقبة المقبلة 2015-2020 تقدر بنحو 2.180 مليون وظيفة، إذا استمرت عوامل النمو التي كانت سائدة خلال الفترة 2009-2014 على حالها. وجاءت معظم هذه «المبادرات»، التي تقدمت بها الدراسة على شكل مشاريع استثمارية، باعتبارها الأداة الملائمة لتوليد الوظائف، وتتضمن هذه المبادرات تسريع وتيرة التصنيع والخدمات المتطورة وتوسيع مجالاتها بوصفها محركاً رئيساً لخلق مزيد من الفرص المناسبة والمستدامة، وأيضاً العمل الجاد والمتواصل على خلق التوافق بين مخرجات التعليم والتدريب من جهة، ومتطلبات سوق العمل من جهة أخرى، وإعادة هيكلة الصيغ القانونية لبناء منشآت قادرة على التلاؤم مع متطلبات الاقتصاد الحديث، وبما يمكن من توليد مزيد من الفرص الوظيفية المناسبة للمواطنين، وأيضاً تطوير قدرات المملكة السياحية ودرجة الاستفادة منها لتوليد مزيد من الوظائف المناسبة والمستدامة للمواطنين، وتخصيص الموارد المالية (الاستثمارات) اللازمة لتنفيذ الرؤية الاستراتيجية لتوليد الوظائف المناسبة والمستدامة للمواطنين، وأخيراً تنفيذ حزمة من المبادرات والسياسات المتعلقة بتوليد وتدعيم «ثقافتي العمل والاستثمار»، وحددت الدراسة عدداً من الأهداف لكل مبادرة من هذه المبادرات، مع تحديد آليات التنفيذ والجهة التي يمكنها القيام بذلك.