بعد حسم السيطرة على المؤسسات السياسية في قطاع غزة لصالح حركة «حماس» وفي الضفة الغربية لصالح حركة «فتح» وحلفائها، دخلت المساجد الى ميدان الصراع السياسي بين الحركتين اللتين تتنازعان السيطرة على الاراضي الفلسطينيةالمحتلة، فيما اتهم رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة اسماعيل هنية السلطة الفلسطينية باستهداف التيار الديني في الضفة الغربية و»بدء الحرب على الدين والاسلام». ففي الضفة الغربية اتخذت السلطة الفلسطينية أخيراً سلسلة اجراءات لابعاد حركة «حماس» عن المساجد التي شكلت في العقد الاخير واحداً من اهم معاقل ومصادر القوة والتجنيد والتنظيم ونشر الفكر السياسي للحركة. وجاءت هذه الاجراءات بعد ان أحكمت «حماس» سيطرتها على قطاع غزة بما فيها المساجد، واغلقت مؤسسات حركة «فتح» ومنعت قادتها من السفر الى الخارج، وحظرت عليهم تولي مناصب في مؤسسات اهلية. وشملت اجراءات «حماس» في قطاع غزة مساجد تابعة لحركات سياسية دينية منافسة مثل «الجهاد الاسلامي» والجماعات السلفية. ووقعت اكثر من مرة اشتباكات مسلحة بين قوات أمن الحكومة المقالة في غزة ومسلحين من «الجهاد الاسلامي» أثناء السيطرة على عدد من المساجد التابعة للاخيرة. وفي حالة واحدة قصفت الحكومة المقالة مسجداً في مدينة رفح تحصن فيه عدد من انصار مجموعة سلفية أعلنوا تمردهم على السلطة هناك واقامة إمارة اسلامية. وفي الضفة الغربية وضعت السلطة الفلسطينية جميع المساجد تحت ادارة وزارة الاوقاف. وقال وزير الاوقاف إبراهيم الهباش ل»الحياة» ان وزارته وضعت يدها على مساجد تديرها جماعات مختلفة، معتبراً ان «رسالة المسجد هي توحيد لله ووحدة للشعب، وعليه لا يجوز ان يكون هناك مسجد للجماعة الفلانية وآخر لجماعة أخرى». ولفت الى ان «استخدام المسجد للأهداف الحزبية يتناقض مع رسالة المسجد، فلا يجوز تسويق بضاعة تجارية وكذلك بضاعة حزبية في المسجد». واتخذت الوزارة سلسلة اجراءات للحد من نفوذ الاسلاميين في المساجد منها منع غير الموظفين في الوزارة من ادارة برامج ثقافية ودينية في المساجد مثل برامج تحفيظ القرآن او القاء الخطب او الامامة. وقال الهباش ان وزارته اوجدت 1450 وظيفة جزئية و350 وظيفة دائمة جديدة في المساجد تشمل الامامة والخطابة وتحفيظ القرآن وغيرها لملء كل الوظائف ومنع من سماهم «اصحاب الأغراض الحزبية من تسويق بضاعتهم عبر المساجد». وشكلت دورات تحفيظ القرآن والامامة والخطابة مصدراً مهماً لنشر فكر الحركات الاسلامية، خصوصاً «حماس»، في اوساط الاعداد الكبيرة والمتنامية من رواد المساجد في الاراضي الفلسطينية. وشملت اجراءات السلطة ايضا توحيد موضوعات خطبة الجمعة في المساجد. وقال الهباش ان وزارته توزع على خطاب المساجد موضوعاً موحداً للخطبة يتضمن افكاراً وآيات قرآنية واحاديث نبوية للافادة منها. وأدت اجراءات اخيرة اتخذتها السلطة، بينها منع احد القادة الروحيين لحركة «حماس» من الخطابة في المساجد ووقف تلاوة القرآن من مكبرات الصوت في المساجد قبل الآذان، الى تفجر الخلافات من جديد بين الحركتين. ووجّه رئيس الحكومة المقالة في غزة ليل أول من أمس (أ ف ب) اتهامات غير مسبوقة للسلطة الفلسطينية منها «بدء الحرب على الدين والاسلام». وقال هنية خلال احتفال افتتاح اعادة بناء مقر شرطة في مخيم الشاطئ في غرب غزة: «ان ما يجري في الضفة حرب دينية تستهدف ضرب التيار المتدين في الجيل الفلسطيني وتطبيق مشروع اميركي صهيوني بأيد فلسطينية». وانتقد هنية دعوة السلطة للعلماء المسلمين لزيارة المسجد الاقصى واصفاً ذلك بأنها «دعوة للتطبيع الديني» بسبب وقوع المسجد تحت الاحتلال. واتهم «سلطة فتح في رام الله باتخاذ خطوات من بينها منع خطيب المسجد الاقصى المبارك النائب الشيخ حامد البيتاوي من الخطابة، وكذلك آلاف من خطباء المساجد من الخطابة واعطاء الدروس الدينية، وترك نحو ألف مسجد من دون مؤذن وامام وخطيب (...) منذ بدء شهر رمضان». وأكد انه تم «اغلاق ألف مركز تحفيظ للقرآن الكريم في الضفة واغلاق لجان الزكاة واعتقال العلماء ومطاردتهم وطردهم من اعمالهم». واضاف رئيس الحكومة المقالة بغضب «لن ينزعوا الدين من صدور الناس ولن يفلحوا في حربهم ضد الاسلام لانها حرب مع الله»، مطالبا «العلماء في الضفة والمواطنين بعد الاستسلام امام هذه الحرب القذرة» ودعاهم الى «الدفاع عن دينكم ومساجدكم» وذهب الى حد توجيه دعوة لرجال الدين وانصار حركته في الضفة الغربية الى «الخروج الى الشوارع واعلان رفضكم لهذه الاجراءات الخبيثة». وكانت الحكومة المقالة ندّدت الاثنين ببرنامج «وطن ع وتر»الهزلي الذي تبثه قناة فلسطين الفضائية التابعة للسلطة الفلسطينية، مؤكدة ان حلقات هذا البرنامج تضمنت «الاستهزاء بالله والصلاة» وتعرضت لشخص هنية «بالقذف».