أقر الرئيس رجب طيب أردوغان ب «أخطاء» خلال حملات «التطهير» المتواصلة في مؤسسات الدولة ضد جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن. وأشار في تصريحات إلى «خلط بين الصالح والطالح وأخذ بعضهم بجريرة الآخر» بعد محاولة الانقلاب الفاشلة. وأضاف أردوغان في التصريحات التي أدلى بها لصحافيين رافقوه في طائرته خلال رحلة العودة من «قمة العشرين»: «أسمع البعض يقولون إن الذين تم القبض عليهم ليسوا من جماعة غولن أو هم مجرد لاعبين صغار، فيما القيادات المهمة في الجماعة ما زالت في مناصبها لا تمتد لها يد، وقد يكون هذا الأمر صحيحاً من وجهة نظر قائله، لكن هناك إشاعات كثيرة وأخباراً مغلوطة تسير مع الحملة شوهت صور بعض الرجال المحترمين». وأتت تصريحات أردوغان تلك، بعد سجال طغى على وسائل الإعلام بين عدد من قياديي حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وقيادات معارضة، بشأن «خروج الحملة على جماعة غولن عن مسارها». وأبرز من خاض في هذا السجال، مجاهد كوتشوك يلماز مستشار أردوغان، الذي اعتبر أن الحملة «بدأت تلتف علينا نحن، إذ لا تمكن محاربة جماعة غولن من خلال الأتاتوركيين». وأشار إلى اعتقال بعض المواطنين الذين نزلوا إلى الشارع ليلة الانقلاب وهاجموا الدبابات، على أنهم من أتباع غولن، وحذر من العودة إلى التحالف مع «الأتاتوركيين» والعلمانيين في بعض أجهزة الأمن. في المقابل، حذرت المعارضة في أكثر من مناسبة من أن الحملة بدأت تطاول معارضين يساريين لا علاقة لهم بجماعة غولن، بل هم من أشد المعارضين للداعية الإسلامي. كما نشر «حزب الشعب الجمهوري» المعارض تقريراً للجنة تقصي حقائق تابعة له زارت معتقلي الانقلاب، ولفت التقرير إلى أن عدداً منهم «تعرض لتعذيب أو اعتداء جنسي»، وأشار التقرير إلى «استحالة تحقيق العدالة من خلال الخروج عن القانون». كما أثار اعتقال البروفيسور القومي المعارض أوزار سنجار صاحب شركة «متروبول» لاستطلاعات الرأي، استهجاناً على اعتبار أن الرجل معروف بمواقفه المعارضة للحكومة ولجماعة غولن في الوقت ذاته. وثمة حديث عن صعوبة فك الارتباط مع «جماعة غولن» داخل مؤسسات الحزب الحاكم، ذلك أن الجماعة التي شكلت الحليف الأقوى للحزب لسنوات طويلة، باتت جزءاً مهماً ضمن كوادره. ويرى تيار في البرلمان التركي أن هناك 3 رؤساء بلديات وحوالى 30 نائباً، إضافة إلى مئات من الموظفين التابعين للجماعة، ما زالوا على رأس عملهم في الحزب ويجب التخلص منهم بسرعة. في الوقت ذاته، تواجه تركيا انتقادات أوروبية تتعلق بانتهاك حقوق المعارضين. وتعهد وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو في ستراسبورغ أمس، بأن يحظى المتورطون بالانقلاب الفاشل في تركيا بمحاكمة نزيهة وشفافة، وذلك في ختام لقاء مع الأمين العام لمجلس أوروبا. وقال الوزير التركي في مؤتمر صحافي في ستراسبورغ: «لم ننس أبداً التزاماتنا إزاء مجلس أوروبا، حتى خلال هذه المرحلة الصعبة جداً التي يمر فيها الشعب التركي. لم ننس أبداً أن دولة القانون يجب أن تحترم».