كعادته يشهد شهر رمضان تنافساً درامياً عالي المستوى، وبينما ينجح فنان في كسب حصة كبيرة من المتابعين هذا العام، قد يفشل في العام الذي يليه ليبحث من جديد عن عمل مميز يعيده لمكانته، ولكن الحال تأتي مغايرة مع الفنان يحيى الفخراني، الذي عاش في الأعوام الماضية شخصيات مختلفة تشاركت جميعاً في تحقيق النجاح، فالنجم الذي أسر القلوب بشخصية الصعيدي القوي رحيم المنشاوي في مسلسل «الليل وأخره»، عاد من جديد ليستولي على المشاهدين بشخصية العجوز المدلل «حمادة عزو»، وعلى رغم كل الفروق الشاسعة التي تجدها بين الشخصيات التي يلعبها الفخراني، إلا أن نقطة الاتفاق الوحيدة بينها كانت النجاح المميز. في هذا العام يعود الفخراني من جديد بمسلسل «شيخ العرب همام» على شاشة أبو ظبي، العمل الذي لم يسلط الضوء عليه طوال مراحل التصوير يشكل إحدى أهم المفاجآت التي تنتظرها الجماهير، وعلى رغم أنه يكره التكرار، إلا أن الفخراني يعود بشخصية صعيدية مرة أخرى، ولكنه يرفض مقارنتها بشخصية رحيم المنشاوي، إذ يقول عن ذلك: «هناك نقطة يجب أن أوضحها، ثمة فارق كبير جداً بين شخصية همام في شيخ العرب، وشخصية رحيم المنشاوي في الليل وآخره، ولا يوجد بينهما أي رابط من قريب أو بعيد، ووافقت على همام لأنني وجدت شخصيته مبهرة، فهو مثل رئيس دولة كان يمتلك أراضي تمتد من محافظة المنيا إلى أسوان، فالعمل مليء بالدراما والإثارة التي تجذب المشاهد، ومن حسن الحظ أن أحداث هذا المسلسل تدور قبل تولي محمد علي حكم مصر، وهي فترة مهمة في تاريخ مصر، وكان يهمني أن أبدأ بها ثم أقدم مسلسل محمد علي، الذي سأبدأ تصويره بعد انتهاء رمضان». وتدور أحداث المسلسل حول شخصية همام الذي يلعب دور الزعيم لقبيلة هوارة، ويعود له الفضل في تأسيس قبائل الصعيد من الأشراف والعرب وغيرهم، وعن القصة التاريخية خلف العمل يقول الفخراني: «الأحداث الحقيقية للمسلسل وقعت قبل 200 عام، ومسرح الأحداث لم يتغير كثيراً، فمنطقة فرشوط - مسقط رأس همام - والمناطق المجاورة لها في جنوب الصعيد لا تزال ملامحها كما هي إلى حد كبير، وهذا ساعدنا في التصوير بلا ديكورات». والعمل لم تكشف الكثير من تفاصيله طوال مراحل التصوير، وهو ما يحرص عليه الفخراني في معظم أعماله، إذ يفضل الحفاظ على عنصر المفاجأة حاضراً طوال فترة عرض العمل، وبالتالي كسب شوق الجماهير للأحداث الجديدة، وعلى رغم أن أحداث «شيخ العرب» سجل معظمها في كتب التاريخ، إلا أن الفخراني أصر على الحفاظ على السرية، مؤكداً أن العمل لن يكون سرداً لأحداث تاريخية، «نحن لا نقدم تاريخاً فقط بل نقدم دراما تاريخية اجتماعية، والسيناريست عبدالرحيم كمال استوحى القصة، وأخذ الجانب الدرامي في هذه الشخصية، وأعاد صياغتها مرة أخرى، بمعنى أننا لا نقدم همام بشكل تاريخي 100 في المئة، لذلك لا نستطيع أن نصف المسلسل بأنه عمل تاريخي، فنحن نقترب ونبتعد من شخصية همام، من خلال الديكورات والملابس والإكسسوارات، كما أننا غير ملتزمين بشكل وصفات شيخ العرب همام، وعلى رغم أن أحداثه تدور في محافظة قنا، وبالملابس واللهجة الصعيدية نفسها، فإنني لا أعتبره أيضاً عملاً صعيدياً، فهو بعيد تماماً عن مشكلات الصعيد المشهورة، فالمسلسل تدور أحداثه بين الواقع والخيال، ومن الممكن تطبيقها على أية منطقة في مصر». ويبدو أن الفخراني عانى كثيراً قبل الوصول للجاهزية الكاملة للعب دور البطولة، إذ خضع لمرحلة تدريب تعلم خلالها ركوب الخيل «الأمر يرتبط بملامح شخصية آخر ملوك الصعيد، وبالزمن الذي تدور فيه الأحداث، وهو القرن ما قبل الماضي، لذلك كان واجباً علي أن أكون دقيقاً في كل تفاصيل الشخصية، وهو ما أجبرت معه على التدرب على ركوب الخيل قبل السفر إلى مدينة فرشوط مسقط رأس شيخ العرب همام، للتعرف على الشخصية، حيث قابلت أحفاده». ويرفض الفخراني فكرة الشروع في تصوير عمل قبل تسلم كل حلقاته، على رغم أن الأخبار التي انتشرت في الفترة الأخيرة أكدت أنه تنازل عن هذا الشرط عند قبوله «شيخ العرب» وهو ما نفاه «أنا لم أتنازل عن موقفي وبدأت التصوير وبين يدي 30 حلقة كاملة، فكل ما في الأمر أننا بدأنا التصوير والمؤلف عبدالرحيم كمال انتهى من كتابة 15 حلقة، وبالتالي لم أتخل عن شرطى فما زلت متمسكاً بأن يكون المسلسل مكتوباً كاملاً قبل التعاقد عليه باستثناء الحلقة الأخيرة، لأنني أحب أن أتفق مع المؤلف على طريقة كتابتها، وهى غير ملزمة بوقت في كتابتها بل متروكة حتى نصل في كتابتها إلى أفضل صورة ممكنة، فقد تكتب بعد شهرين من التصوير مثلما حدث مع مسلسل ابن الأرندلي العام الماضي». ويسجل «شيخ العرب» تحولاً كبيراً في أعمال الفخراني بعد أعوام خصصها للأعمال الاجتماعية الكوميدية يأتي هذا العام في صورة مغايرة بعمل تاريخي، ما قد يعتبره البعض مخاطرة، لكنه يخالف الرأي السائد: «الفترة التي يدور فيها المسلسل ليست لها علاقة بإقبال المشاهدين على العمل من عدمه، فالعمل الجيد يفرض نفسه على الجميع وتتهافت عليه القنوات الفضائية وأنا معحب جداً بشخصية همام، فهو رجل كان له دور سياسي من طراز فريد، وسيقدم المسلسل وجهتي النظر حوله سواء معه أو ضده».