جنيف - أ ف ب - وسط منظر محطة كورنافين القاتم والحزين في جنيف، ينتصب المبنى الأخضر على الرصيف التاسع مختلفاً عن كل ما يحيط به في مؤشر الى النشاط غير الاعتيادي الذي يدور بين جدرانه. «كي 9» اي الرصيف التاسع هو واحد من 14 مركز استقبال في سويسرا يوفر قاعات قانونية لاستهلاك المخدرات كتلك التي رفضت فرنسا للتو فتح مثيلات لها. يومياً يأتي 100 الى 150 شخصاً ليستهلكوا من دون اي مشكلة المخدرات القوية من هيرويين وكوكايين «بعيداً من انظار الناس الشاجبة». وتوفر قاعة الاستهلاك ستة مقاعد لوخز الإبر وأربعة اخرى لتدخين المخدرات واثنين لتنشقها تحت اشراف شخص آخر للحؤول دون تناول المدمن جرعة زائدة. يحمل المدمنون جرعات المخدرات معهم ليحصلوا في المركز على ادوات الوخز النظيفة من ابر وعقاقير مطهرة. ويوضح المدير كريستوف ماني الذي يعمل منذ عشرين عاماً تقريباً في مجال الوقاية من الأمراض المرتبطة بالمخدرات مثل الأيدز والتهاب الكبد سي التي تتنقل عبر الإبر الملوثة «انه مكان معد في المقام الأول لأغراض وقائية صحية». وهو لا يشك ابداً في منافع هذه القاعات التي سمحت على ما يقول «بتحقيق تقدم هائل» على صعيد صحة المدمنين. وفي حين ان الحجة الصحية غير مقنعة في فرنسا فإن سويسرا جعلت منها احد اربعة اسس في ادارة مشكلة المخدرات. وحققت سويسرا تقدماً كبيراً بعدما شهدت استهلاكاً جامحاً للمخدرات في ثمانينات القرن الماضي حيث كانت «بلاتسبيتز» في زوريخ تشكل رمزاً لهذه الظاهرة، وقد لقبت ب «حديقة الإبر». فقررت حينه مواجهة المشكلة مباشرة ووضعت سياسة اثارت جدلاً ترتكز إلى اعتبار المدمنين مرضى وليس مرتكبي جنح. ويشرح المدير المساعد لمؤسسة «اينفودروغ» بيتر مينزي: «لقد اعتمدنا نهجاً عملياً جداً يرتكز إلى استنتاج الشرطة بأن المشكلة لا يمكن ان تحل بالقمع وحده». وهذه السياسة تمزج بين الوقاية والعلاج وخفض الأخطار والقمع مع فتح مراكز للوخز وبرامج للإقلاع عن الإدمان في 20 مركزاً يوزع فيها الميتادون تحت اشراف طبي وخطة استيعاب وإعادة تأهيل... ويقول مينزي: «حققنا نجاحاً كبيراً» مشدداً على ان حالات انتقال عدوى فيروس الأيدز بين مدمني المخدرات تراجعت من 50 في المئة الى 4 في المئة في سويسرا.