سارت روسيا خطوة مهمة على طريق تعزيز مواقعها كمصدّر أساسي للغاز الطبيعي إلى بلدان القارة الأوروبية، وأعلن مصدر في شركة «غاز بروم» أن أنبوب «التيار الجنوبي» لنقل الغاز من روسيا إلى أوروبا سيكون جاهزاً في حلول 2016. ووقعت «غازبروم» الروسية مع «إيني» الإيطالية في وقتٍ متأخر من ليل الجمعة الماضي، ثاني ملحق لمذكرة التفاهم، يتعلق بالخطوات التالية لتنفيذ مشروع «التيار الجنوبي» الذي ينقل الغاز الطبيعي الروسي إلى السوق الأوروبية عبر خطين: أول يمر عبر بلغاريا واليونان إلى إيطاليا، وثانٍ عبر بلغاريا وصربيا والنمسا. وجرت مراسم التوقيع في حضور رئيسي وزراء روسيا فلاديمير بوتين وإيطاليا سلفيو بيرلوسكوني في منتجع سوتشي على البحر الأسود. وكانت شركتا «غازبروم» و «إيني» اتفقتا عام 2007 على إنشاء مؤسسة مشتركة لمد أنبوب «التيار الجنوبي» لنقل الغاز من روسيا إلى جنوب أوروبا بتكلفة 14 بليون دولار. وسيمتد القاطع الروسي من «التيار الجنوبي» عبر قاع البحر الأسود من الساحل الروسي وحتى البلغاري. ويصل طول القسم البحري من أنبوب الغاز إلى ما يقارب 900 كيلومتر، والعمق الأقصى - أكثر من كيلومترين. وتنص الوثيقة المشتركة على زيادة الطاقة الإنتاجية للجزء البحري من أنبوب الغاز «التيار الجنوبي» من 31 إلى 63 بليون متر مكعب في السنة. وتؤكد موسكو أن إنشاء أنابيب النقل في أوروبا يتجاوب مع مصالح أوروبا وروسيا على السواء، ويسهم في تعزيز أمن الطاقة في البلدان الأوروبية. ويعد أنبوب «التيار الجنوبي» منافساً قوياً لمشروع «نابوكو» الذي يرعاه الأميركيون وسيكون الأنبوب الأساسي لنقل الغاز الطبيعي من منطقة آسيا الوسطى إلى أوروبا من دون المرور في الأراضي الروسية، ويشكك خبراء روس بالجدوى الاقتصادية ل «نابوكو». وينص مشروع «نابوكو»، تقدر كلفته ب 14.6 بليون دولار على مد أنبوب لنقل الغاز من منطقة بحر قزوين عبر الأراضي التركية إلى النمسا قبل عام 2011. وتشترك في تنفيذ المشروع تركيا وبلغاريا ورومانيا وهنغاريا والنمسا. وأعلن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا بإنشائها أنابيب الغاز إلى أوروبا بكلفة تعادل بلايين من الدولارات، «تتعهد عملياً ضمان صادرات الغاز الطبيعي إلى أوروبا». وقال رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلوسكوني، إن تطوير مشروع «التيار الجنوبي»، يشكل خطوة مهمة لصيانة الأمن في ميدان الطاقة. وأشار إلى أنه «يسر إيطاليا التعاون مع روسيا التي تعتبرها بلداً صديقاً لا يخل بالتزاماته أبداً». وزاد إن إيطاليا «على استعداد لبذل جهود من أجل تحسين العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي». ويعزز تنفيذ مشروع «التيار الجنوبي» سيطرة روسيا على واردات الطاقة إلى أوروبا خصوصاً أنه يتزامن مع تنفيذ مشروع آخر لمد أنابيب «السيل الشمالي» لتصدير الغاز الطبيعي الروسي إلى أسواق ألمانيا وبريطانيا وهولندا وفرنسا والدنمارك. وهو أمر أثار مخاوف أطراف أوروبية من تحكم روسيا في صادرات الغاز الطبيعي إلى القارة، قابله الروس بمنح تطمينات إلى الأوروبيين. وقال مصدر في شركة «غاز بروم» الجمعة الماضي: «الرأي الشائع أن روسيا، بإنشائها أنبوبي التيارين الشمالي والجنوبي، تجعل الاتحاد الأوروبي عملياً رهينة لتوريداتها في مجال الطاقة، لا مبرر له، والأكيد أنهما لا يهددان بأي شكل استقلال أوروبا في مجال الطاقة» بل يؤكدان التزام روسيا ضمان أمن الطاقة الأوروبي.