يبدو أن حلقة تعدد «الأزواج» التي سربت من مسلسل «طاش» ليست الوحيدة التي تشير إلى رفع سقف الجرأة في أعمال الكوميديا السعودية، وعلى رغم أن الوقت لا يزال باكراً للحكم على الأعمال الرمضانية السعودية التي تقدم حلقات منفصلة، بعد حلقتين فقط، إلا أن حلقتا «طاش» و«سكتم بكتم» الأولى بدت وكأنها تؤكد اتجاه القائمين على هذين العملين إلى رفع سقف الجرأة، واللعب على وتر حقوق السعودي في بلده، لكسب عاطفة المشاهدين السعوديين وبالتالي كسب أكبر تأييد ممكن ومشاهدين أكثر. ونجح «طاش ما طاش» في حلقته الأولى على الأقل في كسب تأييد جماهيره في وقت باكر، والتي اعتبرها الكثيرون جريئة ومطمئنة فالحلقة التي عنونت ب «ارفع راسك» ناقشت الامتيازات الكثيرة التي يحظى بها «غير السعوديين»، بينما يفتقدها أبناء الوطن من السعوديين. وذهبت الحلقة بعيداً في هذا المحور حينما نجحت شخصية «عدنان» في الحصول على الجنسية السعودية ليصل مع نهاية الحلقة إلى حال كبيرة من الندم بخسارته كل الامتيازات التي كان يتمتع بها عندما كان «أجنبياً». الحلقة حظيت باهتمام واسع من المتابعين تجلى من خلال الأحاديث الكثيرة والمقاطع المصورة التي تبادلها مستخدمو «ماسنجر بلاك بيري» بعد الحلقة مباشرة، إذ نجح كثير من مستخدمي هذه الخدمة في بث مقاطع مصورة من الحلقة وتبادلوا كثيراً من النكات حولها، والقصائد على لسان شخصية عدنان. ومن جانب آخر، استطاع مسلسل «سكتم بكتم» الذي عرض على القناة الأولى، أن يبشر هو الآخر، بعمل قد يفاجئ المشاهدين هذا العام، وربما يقلب الطاولة بحسب أحاديث تداولها زوار منتديات الإنترنت أمس، إذ تناولت الحلقة الأولى موضوع عمل المرأة السعودية خادمةً في المنازل وتطرقت لما قد تتعرض له من «ذل» أو تحرش جنسي، ولعب فايز المالكي دور ولي الأمر ضعيف النفس الذي يجبر أخواته على القيام بالعمل خادماتٍ، فيما لعب في شخصيته الثانية مع والده دور الوسطاء الذين قد يستغلون بعض المواطنات في توفير فرص العمل لهن من رهن بيوتهن أو التحرش بهن لتفوز في الأخير بوظيفة خادمة منزلية. وعلى رغم أن فايز المالكي يخوض تجربته الأولى في الإنتاج، بعد خروجه من «بيني وبينك» في قضية شغلت الوسط الفني السعودي، فإن توجهه بدا واضحاً من الحلقة الأولى، والتي كان عنوانها «الخادمة السعودية»، وهو طرح مواضيع تلامس عاطفة المجتمع السعودي ورفع سقف الجرأة قدر الإمكان، غير مختلف بذلك عن «طاش». ويبدو أن مهمة «سكتم بكتم» ستكون أصعب من مهمة «طاش»، خصوصاً أن الأول يعرض في القناة الأولى التابعة للتلفزيون السعودي، والنقد من التلفزيون الحكومي يبقى أقوى وأصعب من ذلك الصادر من مسلسل يُعرض على قناة خاصة. وكانت الحلقتان في الظاهر تشيران بأصابع الاتهام، إلى المسؤولين في وزارتي الخدمة المدنية والعمل. ولعل المفارقة أن مخرج «سكتم بكتم» هو نفسه أكثر من أخرج ل«طاش» عبر سنواته ال 17، وسيظل حتماً كذلك، مع اتجاه «طاش» إلى إسناد هذا الدور إلى أكثر من مخرج، وكان عبدالخالق الغانم قال إن «سكتم بكتم» فنتازيا مختلفة وغير مسبوقة وتختلف في تعاطيها مع المواضيع عن «طاش»، وبعيداً عن عبدالخالق فإن المتشابه حتماً بين العملين هو اتفاقهما على محاولة رفع سقف الحرية في الأعمال السعودية، وعرضهما في الفترة نفسها في محاولة واضحة من القناة الأولى لمنافسة إم بي سي. وبعيداً عن كل ذلك يظل المعيار الأهم في الحكم على مثل هذه الأعمال، هو ثبات المستوى الفني واستقراره على مدى 29 حلقة، وليس قيمة حلقة أو اثنتين تثير ضجة أو جدلاً أو همروجة إعلامية.