يبلغ متوسط عمر الرجال في فرنسا 77.8 سنة، في حين تعيش النساء إلى 84.5 عام، وفي الهند لا تزيد أعمار الرجال على 60 عاماً، في حين يبلغ متوسط عمر المرأة 67 عاماً. هذان مثالان للدول المتقدمة والنامية. ولم أطلع في السعودية على أرقام مشابهة، إلا أنها يقيناً تقع في منطقة وسطى بين الهند وفرنسا، بمعنى أن متوسط عمر الرجل بين 65 و66 عاماً، وللمرأة من 73 إلى 74 عاماً (الرقمان تقريبيان ويعتمدان على المشاهدة لا على الدراسة). وتبلغ سن التقاعد النظامية في فرنسا 60 عاماً، إلا أن متوسط سن التقاعد الفعلية هي 58.7 سنة للرجل والأنثى، وبالتالي فالفرنسي يعيش 24 عاماً بعد التقاعد، وهي أعلى فترة يعيشها المتقاعدون في العالم، وحتى مع سعي الحكومة الفرنسية حالياً لزيادة سن التقاعد إلى 62 سنة، سيبقى المواطن الفرنسي في المرتبة الأولى. فالعمر التقاعدي الذي يعيشه البريطاني لا يزيد على 18.8 سنة، ويعيش الأميركي 17.6 سنة بعد التقاعد، ولا يزيد ما يعيشه المواطن الياباني في سن التقاعد على 14.1 سنة، علماً بأن سن التقاعد النظامية في اليابان وأميركا هي الأعلى في العالم، اذ تبلغ 67 سنة، ولكن اليابانيين يتجاوزون سن التقاعد ويخدمون أكثر، ويصل متوسط سن التقاعد الفعلية النظامية 69 عاماً. سعودياً وباستثناء الرتب العسكرية الصغيرة (جندي إلى رقيب)، فإن سن التقاعد النظامية هي 60 عاماً، وبافتراض أن متوسط سن التقاعد الفعلية هي 58 عاماً، فإن متوسط ما يعيشه المواطن السعودي بعد التقاعد لا يزيد على 10 إلى 11 عاماً، وهي أقل عدد سنوات يعيشها المتقاعدون في العالم. ولأن المجتمعات الغربية هي مجتمعات شيخوخة، فإن سن التقاعد لديها مرتفع، إلا أن العمر الذي يعيشه الإنسان بعد التقاعد مرتفع أيضاً كما سبق أن ذكرنا، وعلى العكس فإن مجتمعنا السعودي مجتمع شاب، ويصل معدل من هم بين 15 و35 إلى 60 في المئة من تركيبة المجتمع بحسب إحدى الدراسات، وبالتالى فإن سن التقاعد النظامية طويلة نسبياً، والعمر الذي يعيشه الشخص بعد التقاعد قصير نسبياً. وبالنظر إلى التوظيف ومعدل البطالة، فيبدو أن وزارة العمل عاجزة عن فعل شيء، فمعدل بطالة الذكور زاد إلى 6.9 في المئة، وبطالة الإناث بلغت 28.4 في المئة بحسب الإحصاء الأخير، وهي معدلات تزيد على معدل البطالة الطبيعي (3 في المئة) بأكثر من الضعف للشباب، وبعشرة أضعاف تقريباً للنساء. وبالوضع السابق ذكره، فإن إعادة النظر في سن التقاعد وخفضها للجنسين، أصبحت أمراً لازماً وحتمياً. فالقطاع الخاص ووزارة العمل لم ولن يفعلا شيئاً يذكر، والأرقام في تزايد بعد إنشاء الوزارة عنها قبل إنشائها. كما أن نتائج الدراسة الأخيرة الصادرة عن مصلحة الإحصاءات العامة توضح أن أعلى نسبة للعاطلين هي للفئة العمرية من 20 إلى 24 سنة بنسبة بلغت 43.2 في المئة من إجمالي عدد العاطلين. وهي الفئة التي تتفوق إنتاجيتها نظرياً على سواها من الفئات العمرية. فلا يجوز تعطيلهم واستبقاء الفئة العمرية فوق 55 عاماً في القطاع الحكومي، لاسيما أن الفئة الأخيرة هي الأقل إنتاجية نظراً للظروف العمرية والصحية لهذه الفئة. واختم بأن عنصر العمل النسائي بالذات ليس له حظ كبير في وظائف القطاع الخاص لينتظر دوره فيه، وبالتالى فإن تقصير سن التقاعد النظامية للنساء لتكون 45 أو 50 عاماً هو أمر غاية الأهمية، ويجب النظر فيه عاجلاً قبل أن تتكدس وتتضاعف طوابير العاطلات. كما أن خفض سن التقاعد للرجال إلى 55 عاماً سيسهم في امتصاص جزء من البطالة ويمنع تراكمها السنوي. ولأن خفض سن التقاعد للجنسين هو أمر بلا كلفة تقريباً، فالمتقاعد ينفق من ادخاره طوال سنوات عمله، كما أن متوسط سنوات الحياة بعد خفض سن التقاعد سيصل بالكاد إلى مستوى أقل مثيلاته في الدول المتقدمة، كما أنه ومع طول فترة الجفاء بين السعوديين والقطاع الخاص وإخفاق كل برامج السعودة، يعتبر الحل الأنسب حالياً لعلاج مشكلة الاقتصاد السعودي الأزلية. ومع عودة آلاف المبتعثين وتخرج آلاف الجامعيين من الجنسين، فإن تغيير سياسة التقاعد وتقليل سنوات التوظف هما الأمر الذي بيدنا فعله حالياً، فلنفعل شيئاً قبل أن يعود مبتعثونا ويخرج حملة الشهادات من جامعاتهم إلى رصيف البطالة، ويكونوا رقماً سالباً على التنمية بدل أن يكونوا رقماً موجباً في صنعها. * اقتصادي سعودي www.rubbian.com