على رغم انتهاء ازمة الترقيات بين الجيش والحكومة في تركيا، إلا ان تداعياتها لا تزال مستمرة إعلامياً وسياسياً، وقد تبقى كذلك حتى مطلع ايلول (سبتمبر) المقبل موعد تسلّم الرئيس الجديدة للأركان الجنرال إشق كوشانر منصبه رسمياً. واختلفت وسائل الاعلام في ما بينها، بحسب انتماءاتها السياسية، في تحديد المنتصر في هذه الازمة، اذ اكدت صحيفة «جمهورييت» المقربة من «حزب الشعب الجمهوري» المعارض انتصار الجيش في هذا السجال، وكشفت ان الترقيات شملت جميع الجنرالات المتهمين في قضية «المطرقة» الانقلابية، لكنها جاءت مع وقف التنفيذ في انتظار انتهاء محاكمتهم. والجنرال الوحيد الذي لم تتم ترقيته هو حسن إغصيز الذي رشّحه رئيس الاركان الجنرال إلكر باشبوغ لقيادة القوات البرية، وهذا ما رفضته الحكومة. كما ان الجيش بقي ثابتاً على رأيه ولم يقدم مرشحاً بديلاً، إلا بعد تحقيق مطالبه بإلغاء قرار سجن 102 عسكرياً على ذمة القضية. وحذرت الصحيفة من أن تدخل الحكومة في الترقيات العسكرية، سيهدم التراتبية داخل الجيش، من خلال ترقية العسكري الجديد ليكون في مرتبة اعلى من العسكري الأقدم منه. واعتبر ساسة في المعارضة ما حدث زوبعة في فنجان أثارها «حزب العدالة والتنمية» الحاكم، من أجل كسب تأييد الشعب والظهور في صورة من يريد الانتقام من الانقلابيين، كي يخدم ذلك حملته الدعائية لمصلحة التصويت على التعديلات الدستورية في استفتاء 12 ايلول، والتي تقدمها الحكومة بصفتها الوسيلة الفضلى للانتقام من انقلابيي 1980 والدستور الذي وضعوه. اما الصحف المقرّبة من الحكومة وبعض الجرائد اليسارية، فاعتبرت ما حدث خطوة أولى على طريق استعادة الحكومة سلطتها على الجيش، كما يقتضي الدستور، اذ انها المرة الاولى التي تتدخل فيها الحكومة في تعديل اسماء المرشحين للترقيات، ونجحت في منع جنرال يجمعها به ثأر قديم، من تولي قيادة القوات البرية. جاء ذلك فيما بدأت اوساط سياسية تركية تستكشف الرئيس الجديد للاركان الجنرال إشق كوشانر، المعروف بمواقفه القومية القوية، ما دفع كثيرين الى ترجيح ألا يركّز الجيش مثل السابق على مسألة العلمانية، بل على القضية الكردية وأبعادها وتفاقم هجمات «حزب العمال الكردستاني».