التطورات الأخيرة دلت على سعي الكيان الصهيوني لإشعال حرب جديدة في المنطقة، من خلال تحرشاته على الحدود اللبنانية والسورية، وداخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهو يسوق فكرة حصول ايران على السلاح النووي، ويؤيد اللوبي الصهيوني في الكونغرس الأميركي الفكرة. وفي مثل هذه الظروف يجب العمل على زيادة جاهزية الدفاع والمواجهة. ولكن علينا الحذر من الوقوع في فخ الحرب غير المقدسة التي يريدها الصهاينة، ولا تخدم مصالح الدول الإقليمية ومنها مصالح الجمهورية الإسلامية. وأثبتت التجارب ان الكيان الصهيوني لا يمكنه العيش في أجواء هادئة. فالأمن والاستقرار الإقليميان ليس لهما تعريف في أجندة هذا الكيان، ومن يدعمه من الدول الغربية. ومنذ حرب 1948 وما تبعها من حروب في 1956 و1967 و1973، كان التفوق الصهيوني واضحاً بسبب المساعدات والدعم الأمني الاستخباري الذي قدمته الدول الغربية. وتحول شكل الصراع في العقدين الأخيرين، 1980 و1990، باتجاه العراق وايران. وعاد، مرة أخرى، للخيارات العسكرية بعد أن اصطدمت الجهود الديبلوماسية بالخطوط الحمر. وأقر المؤتمر الصهيوني في عام 2000 باستحالة تطبيع العلاقات مع الدول العربية في شكل سلمي. فانبرت الإدارة الأميركية، في عهد جورج بوش الابن، لتأزيم الأوضاع، وتحقيق الأهداف الصهيونية التي لم يتمكن الرئيس بيل كلينتون من تحقيقها. وكان للكيان الصهيوني دور مؤثر في الحروب التي قادتها الولاياتالمتحدة، من دعم سياسي واستخباري وفره الكيان للحروب الأميركية في المنطقة. ويعتقد الصهاينة أن مشاكل الولاياتالمتحدة واسرائيل في المنطقة تحل بواسطة الحرب على ايران قبل العراق وأفغانستان. وسعت اسرائيل الى تحقيق هذا الهدف. وبناءً على توصيات المؤتمر الصهيوني، فالمنطقة اما ان تكون آمنة لإسرائيل، وأما ألّا تكون آمنة لأحد. والعقيدة الصهيونية تقوم على نظرية تأزيم الأوضاع، ولا حياة لإسرائيل إلا بهذا التأزيم. وهم قلقون من خلو المنطقة من الجيوش الغربية، وينظرون اليها باعتبارها منطقة عسكرية يقودها حلف «الناتو»، وليس باعتبارها شريان الحياة للعالم. وفي الجانب الآخر، سلَّم الرئيس أوباما المعول الى الصهاينة من خلال قرارات المقاطعة الصادرة عن مجلس الأمن. وأعطى الكونغرس الأميركي الضوء الأخضر لإسرائيل، وأوكل اليها شن حرب على ايران. ودعا ذلك ايران الى التشكيك في دعوات الحوار مع مجموعة الدول الخمس + المانيا. والذين لا يقرون بالأهمية التي يوليها الكيان الصهيوني للحرب ينكرون الحقيقة. وعليهم ألا يحملوا على محمل الجد رسائل التهديد التي يلوح بها أوباما. وحري بهم تبني الدعوة الإيرانية الى نزع السلاح من الشرق الأوسط. فمن يسرْ مع العجلة الأميركية، اليوم، فعليه القبول في المستقبل أن يكون جندياً في إمرة جيش الدفاع الإسرائيلي، أو أن يقبل بالتدخل الإسرائيلي في شؤونه الداخلية طائعاً. وعلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية انتهاج مواقف منطقية. فلا تساعد الصهاينة على بلوغ أهدافهم الرامية الى خلق أجواء الحرب، وتعد، في الوقت نفسه، ايران الى مواجهة الخيارات المتفرقة. وإذا عجز اللاعبون عن ادارة الحروب المحدودة في العراق ولبنان وغزة وأفغانستان، فكيف يمكنهم خوض حرب اقليمية في اطار مصالحهم الاستراتيجية؟ ومهما تكن علاقاتنا بالدول التي لم تصل بعد الى المستوى الاستراتيجي، فإننا لا نسمح بالدخول، نيابة عن أحد، في حرب مع دولة ثالثة. وأي خطوة عسكرية تريد النيل من سيادة الأراضي الإيرانية، سنواجهها بالمقاومة والاستبسال. والحرب قد تكون «غير مقدسة»، إلا أن الدفاع والمقاومة هما من «أقدس» الواجبات على الإيراني المسلم. عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، عن «رسالت» الإيرانية، 7/8/2010، إعداد محمد صالح صدقيان